راعوث: تحت جناحيّ الله
من Gospel Translations Arabic
(أنشأ الصفحة ب'{{info|Ruth: Under the Wings of God }} في إصحاح 1 من سفر راعوث وقعت يد الله بقسوة على نعمي وعائلتها. مجاعة في يهو...') |
ط (حمى "راعوث: تحت جناحيّ الله" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد))) |
المراجعة الحالية بتاريخ ١٩:١٩، ٢٤ يوليو ٢٠١٥
بواسطة John Piper
حول الإيمان
جزء من سلسلة Ruth: Sweet & Bitter Providence س
ترجمة من قبل Desiring God
في إصحاح 1 من سفر راعوث وقعت يد الله بقسوة على نعمي وعائلتها. مجاعة في يهوذا، والانتقال إلى موآب، ووفاة زوجها، وزواج ابنيها من زوجات أجنبيات، ووفاة أبنائها. ضربة تلو الأخرى جعلت نعمي تقول (1: 13، 20)، "يَدَ الرَّبِّ قَدْ خَرَجَتْ عَلَيَّ... لأَنَّ الْقَدِيرَ قَدْ أَمَرَّنِي جِدًّا." في الواقع، هي مضطهدة جدا بسبب عناية الله المريرة في حياتها لدرجة أنها لا تستطيع رؤية أية بوادر أمل قد بدأت في الظهور. إنها تعلم بوجود الله. وتعرف أنه قدير ويسود في الشؤون الوطنيّة والشخصيّة للبشر. وتعلم أيضا أنه قد أمرّها. فحياتها مأساويّة. ما قد نسته هو أن الله يخطط لمجد أولاده في كل التجارب المريرة التي لهم. وإن آمنا بذلك وتذكرناه، لن نصبح عميانا كما يبدو على نعمي عندما بدأ الله في الإعلان عن نعمته.
محتويات |
تدخّل عناية الله الطيبة:
في الإصحاح الأول تصيبُ عناية الله الطيبة نعمي كما المُرّة. فالله أزال المجاعة وفتح لنعمي طريقا للعودة لبلدها. أعطاها كنّة رائعة ومخلصة ومُحبة كي ترافقها. حفظ قريبا لزوج نعمي الذي سيتزوج في يوم من الأيام راعوث ويُبقي على نسل نعمي. لكن نعمي لا ترى شيئا من هذا. في نهاية الإصحاح، قالت لأهالي بلدة بيت لحم، "إِنِّي ذَهَبْتُ مُمْتَلِئَةً وَأَرْجَعَنِيَ الرَّبُّ فَارِغَةً. لِمَاذَا تَدْعُونَنِي نُعْمِي، وَالرَّبُّ قَدْ أَذَلَّنِي وَالْقَدِيرُ قَدْ كَسَّرَنِي؟" (آية 21). وهكذا استوطنت راعوث ونعمي المرّة في بيت لحم. في إصحاح 2 تتضح رحمة الله جدا لدرجة أنه حتى نعمي ستدركها.
وَكَانَ لِنُعْمِي ذُو قَرَابَةٍ لِرَجُلِهَا، جَبَّارُ بَأْسٍ مِنْ عَشِيرَةِ أَلِيمَالِكَ، اسْمُهُ بُوعَزُ. فَقَالَتْ رَاعُوثُ الْمُوآبِيَّةُ لِنُعْمِي: «دَعِينِي أَذْهَبْ إِلَى الْحَقْلِ وَأَلْتَقِطْ سَنَابِلَ وَرَاءَ مَنْ أَجِدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ». فَقَالَتْ لَهَا: «اذْهَبِي يَابِنْتِي». فَذَهَبَتْ وَجَاءَتْ وَالْتَقَطَتْ فِي الْحَقْلِ وَرَاءَ الْحَصَّادِينَ. فَاتَّفَقَ نَصِيبُهَا فِي قِطْعَةِ حَقْل لِبُوعَزَ الَّذِي مِنْ عَشِيرَةِ أَلِيمَالِكَ. وَإِذَا بِبُوعَزَ قَدْ جَاءَ مِنْ بَيْتِ لَحْمٍ وَقَالَ لِلْحَصَّادِينَ: «الرَّبُّ مَعَكُمْ». فَقَالُوا لَهُ: «يُبَارِكُكَ الرَّبُّ». فَقَالَ بُوعَزُ لِغُلاَمِهِ الْمُوَكَّلِ عَلَى الْحَصَّادِينَ: «لِمَنْ هذِهِ الْفَتَاةُ؟» فَأَجَابَ ألْغُلاَمُ المُوَكَّلُ عَلَى الحَصَّادِينَ وَقَالَ: «هِيَ فَتَاةٌ مُوآبِيَّةٌ قَدْ رَجَعَتْ مَعَ نُعْمِي مِنْ بِلاَدِ مُوآبَ، وَقَالَتْ: دَعُونِي أَلْتَقِطْ وَأَجْمَعْ بَيْنَ الْحُزَمِ وَرَاءَ الْحَصَّادِينَ. فَجَاءَتْ وَمَكَثَتْ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الآنَ. قَلِيلاً مَّا لَبِثَتْ فِي الْبَيْتِ».
فَقَالَ بُوعَزُ لِرَاعُوثَ: «أَلاَ تَسْمَعِينَ يَابِنْتِي؟ لاَ تَذْهَبِي لِتَلْتَقِطِي فِي حَقْلِ آخَرَ، وَأَيْضًا لاَ تَبْرَحِي مِنْ ههُنَا، بَلْ هُنَا لاَزِمِي فَتَيَاتِي. عَيْنَاكِ عَلَى الْحَقْلِ الَّذِي يَحْصُدُونَ وَاذْهَبِي وَرَاءَهُمْ. أَلَمْ أُوصِ الْغِلْمَانَ أَنْ لاَ يَمَسُّوكِ؟ وَإِذَا عَطِشْتِ فَاذْهَبِي إِلَى الآنِيَةِ وَاشْرَبِي مِمَّا اسْتَقَاهُ الْغِلْمَانُ». فَسَقَطَتْ عَلَى وَجْهِهَا وَسَجَدَتْ إِلَى الأَرْضِ وَقَالَتْ لَهُ: «كَيْفَ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ حَتَّى تَنْظُرَ إِلَيَّ وَأَنَا غَرِيبَةٌ؟» فَأَجَابَ بُوعَزُ وَقَالَ لَهَا: «إِنَّنِي قَدْ أُخْبِرْتُ بِكُلِّ مَا فَعَلْتِ بِحَمَاتِكِ بَعْدَ مَوْتِ رَجُلِكِ، حَتَّى تَرَكْتِ أَبَاكِ وَأُمَّكِ وَأَرْضَ مَوْلِدِكِ وَسِرْتِ إِلَى شَعْبٍ لَمْ تَعْرِفِيهِ مِنْ قَبْلُ. لِيُكَافِئِ الرَّبُّ عَمَلَكِ، وَلْيَكُنْ أَجْرُكِ كَامِلاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي جِئْتِ لِكَيْ تَحْتَمِي تَحْتَ جَنَاحَيْهِ». فَقَالَت: «لَيْتَنِي أَجِدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ يَا سَيِّدِي لأَنَّكَ قَدْ عَزَّيْتَنِي وَطَيَّبْتَ قَلْبَ جَارِيَتِكَ، وَأَنَا لَسْتُ كَوَاحِدَةٍ مِنْ جَوَارِيكَ». فَقَالَ لَهَا بُوعَزُ: «عِنْدَ وَقْتِ الأَكْلِ تَقَدَّمِي إِلَى ههُنَا وَكُلِي مِنَ الْخُبْزِ، وَاغْمِسِي لُقْمَتَكِ فِي الْخَلِّ». فَجَلَسَتْ بِجَانِبِ الْحَصَّادِينَ فَنَاوَلَهَا فَرِيكًا، فَأَكَلَتْ وَشَبِعَتْ وَفَضَلَ عَنْهَا. ثُمَّ قَامَتْ لِتَلْتَقِطَ. فَأَمَرَ بُوعَزُ غِلْمَانَهُ قَائِلاً: «دَعُوهَا تَلْتَقِطْ بَيْنَ الْحُزَمِ أَيْضًا وَلاَ تُؤْذُوهَا. وَأَنْسِلُوا أَيْضًا لَهَا مِنَ الشَّمَائِلِ وَدَعُوهَا تَلْتَقِطْ وَلاَ تَنْتَهِرُوهَا».
فَالْتَقَطَتْ فِي الْحَقْلِ إِلَى الْمَسَاءِ، وَخَبَطَتْ مَا الْتَقَطَتْهُ فَكَانَ نَحْوَ إِيفَةِ شَعِيرٍ. فَحَمَلَتْهُ وَدَخَلَتِ الْمَدِينَةَ. فَرَأَتْ حَمَاتُهَا مَا الْتَقَطَتْهُ. وَأَخْرَجَتْ وَأَعْطَتْهَا مَا فَضَلَ عَنْهَا بَعْدَ شِبَعِهَا. فَقَالَتْ لَهَا حَمَاتُهَا: «أَيْنَ الْتَقَطْتِ الْيَوْمَ؟ وَأَيْنَ اشْتَغَلْتِ؟ لِيَكُنِ النَّاظِرُ إِلَيْكِ مُبَارَكًا». فَأَخْبَرَتْ حَمَاتَهَا بِالَّذِي اشْتَغَلَتْ مَعَهُ وَقَالَتِ: «اسْمُ الرَّجُلِ الَّذِي اشْتَغَلْتُ مَعَهُ الْيَوْمَ بُوعَزُ». فَقَالَتْ نُعْمِي لِكَنَّتِهَا: «مُبَارَكٌ هُوَ مِنَ الرَّبِّ لأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ الْمَعْرُوفَ مَعَ الأَحْيَاءِ وَالْمَوْتَى». ثُمَّ قَالَتْ لَهَا نُعْمِي: «الرَّجُلُ ذُو قَرَابَةٍ لَنَا. هُوَ ثَانِي وَلِيِّنَا». فَقَالَتْ رَاعُوثُ الْمُوآبِيَّةُ: «إِنَّهُ قَالَ لِي أَيْضًا: لاَزِمِي فِتْيَانِي حَتَّى يُكَمِّلُوا جَمِيعَ حَصَادِي». فَقَالَتْ نُعْمِي لِرَاعُوثَ كَنَّتِهَا: «إِنَّهُ حَسَنٌ يَابِنْتِي أَنْ تَخْرُجِي مَعَ فَتَيَاتِهِ حَتَّى لاَ يَقَعُوا بِكِ فِي حَقْلِ آخَرَ». فَلاَزَمَتْ فَتَيَاتِ بُوعَزَ فِي الالْتِقَاطِ حَتَّى انْتَهَى حَصَادُ الشَّعِيرِ وَحَصَادُ الْحِنْطَةِ. وَسَكَنَتْ مَعَ حَمَاتِهَا.
بوعز: رجل ممتلىء بالله:
نلتقي ببوعز في الآيات 1-7، ونرى شخصية راعوث، ونشعر بعناية إلهيّة ملؤها الرّحمة وراء هذا المشهد. نعلم أن بوعز هو أحد أقرباء أليمالك، زوج نعمي المتوفي منذ زمن بعيد. على الفور ندرك أن الأمور ليست قاتمة كما ظنّت نعمي في 1: 11-13 عندما أعطت انطباعا أنه ليس هناك من يتزوج براعوث وعرفة كي يستمر نسل أزواجهن. بالنسبة للشخص الذي يقرأ هذه القصة للمرة الأولى، يمثل بوعز الشعاع المشرق في سحابة المرارة المعلقة فوق نعمي. لكن الأمر سوف يكبر ويكبر.
على سبيل المثال، تقول الآية 1 أنه رجل جَبَّارُ بَأْسٍ. لكن الأهم من ذلك، تدل الآية 4 على أنه رجل الله. وإلا فلماذا يتوقف راوي القصة ليسجّل الطريقة التي يستقبل بها بوعز عبيده؟ "وَإِذَا بِبُوعَزَ قَدْ جَاءَ مِنْ بَيْتِ لَحْمٍ وَقَالَ لِلْحَصَّادِينَ: «الرَّبُّ مَعَكُمْ». فَقَالُوا لَهُ: «يُبَارِكُكَ الرَّبُّ.»" إن كنت تريد أن تعرف علاقة إنسان بالله، تحتاج أن تدرك مدى ملء الله لتفاصيل حياته اليومية. كان من الواضح أن بوعز هو هذا الإنسان الممتلىء بالله حتى إن تجارته الزراعيّة وعلاقته مع موظفيه تنطلق من معرفته بالله. فقد استقبلهم بتحية الله. وسوف نرى في دقيقة واحدة أن مثل هذه الأمور كانت أكثر من مجرد ورع تافه.
راعوث: امرأة ذات شخصيّة:
إلى جانب لقاء بوعز في الآيات 1-7، نرى شخصيّة راعوث والتي ستكون حاسما جدا فيما قصد هذا الإصحاح أن يعلّمه.
1. مبادرة راعوث لرعاية نعمي:
أولا، نحن نرى مبادرة راعوث لرعاية حماتها. لاحظ في الآية 2، لا تأمر نعمي راعوث للخروج للعمل. بل قالت راعوث: "دَعِينِي أَذْهَبْ إِلَى الْحَقْلِ وَأَلْتَقِطْ سَنَابِلَ وَرَاءَ مَنْ أَجِدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ." وقد الزمت راعوث نفسها لنعمي بتفانٍ مذهلٍ وأخذت زمام المبادرة في العمل لتوفير احتياجاتها.
2. تواضع راعوث:
ثانيا، نرى تواضع راعوث. فهي تعرف كيف تأخذ المبادرة دون التجرأ. في الآية 7 قال الخدم لبوعز كيف أنها جاءت لهم في صباح ذلك اليوم. وقالت: "دَعُونِي أَلْتَقِطْ وَأَجْمَعْ بَيْنَ الْحُزَمِ وَرَاءَ الْحَصَّادِينَ." فهي لا تطلب صدقة. وهي لا تفترض الحق في أن تلتقط. بل كل ما تريد القيام به هو جمع ما يتبقى بعد انتهاء الحصادين وطلبت الإذن حتى للالتقاط. إنها مثل امرأة أخرى أجنبيّة جاءت إلى المسيح وقالت: "يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَحْتَ الْمَائِدَةِ تَأْكُلُ مِنْ فُتَاتِ الْبَنِينَ،" وقد أجابها المسيح بالإطراء على إيمانها. تعرف راعوث كيفية اتخاذ المبادرة، لكنها ليست مندفعة أو انتهازيّة بل وديعة ومتواضعة.
3. راعوث المثابرة في العمل:
ثالثا، نرى مثابرتها في العمل. فهي تعمل بشكل مدهش. الآية 7 تستأنف "وَمَكَثَتْ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الآنَ. قَلِيلاً مَّا لَبِثَتْ فِي الْبَيْتِ." تستكمل الآية 17 وتقول أنها الْتَقَطَتْ إِلَى الْمَسَاءِ، وقبل ما تنتهي من العمل خَبَطَتْ مَا الْتَقَطَتْهُ ووزنته، وحَمَلَتْهُ للبيت إلى نعمي. ليس هناك شك في أن الكاتب يريد منا أن نعجب ونتمثّل براعوث. فهي تأخذ المبادرة لرعاية حماتها المعوزة. هي متواضعة ووديعة ولا تقحم نفسها بوقاحة. بل تعمل جاهدة من الشروق إلى الغروب. مبادرة. تواضع. عمل. صفات نبيلة. ترقّب هذه الأمور مرة أخرى.
عناية الله الرحيمة:
لكن قبل أن نترك الآيات 1-7، هل شعرت برعاية ملؤها الرّحمة وراء كل هذا؟ لاحظ الآية 3 "فَذَهَبَتْ وَجَاءَتْ وَالْتَقَطَتْ فِي الْحَقْلِ وَرَاءَ الْحَصَّادِينَ. فَاتَّفَقَ نَصِيبُهَا فِي قِطْعَةِ حَقْل لِبُوعَزَ الَّذِي مِنْ عَشِيرَةِ أَلِيمَالِكَ." "فَاتَّفَقَ"؟ ليس من الضروري أن تكتب لاهوتك في كل سطر. أحيانا يكون من الجيد أن تترك شيئا غامضا لإعطاء القارئ فرصة لملء الفراغ إن لاحظ الأمر. ويمكن إعطاء الإجابة في وقت لاحق. وسوف يكون. في الواقع، نعمي، بلاهوتها الحاسم عن سيادة الله، هي التي ستعطي الجواب. الجواب هو الله، العناية الرحيمة لتوجيه الله لراعوث وهي تلتقط. اتَّفَقَ لراعوث أن تأتي إلى حقل بوعز، لأن الله كريم وسيد حتى عندما يكون صامتا. كما يقول المثل (16: 9) "قَلْبُ الإِنْسَانِ يُفَكِّرُ فِي طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ يَهْدِي خَطْوَتَهُ."
لماذا وجدت راعوث نعمة؟
الآن في الآيات 8 و9 يقترب بوعز لراعوث ويظهر لها لطفا عظيما، بالرغم من كونها أجنبيّة. يوفر لها طعاما بإبلاغها أن تعمل في حقله وأن تظل قريبة وراء فتياته. ويقدم لها الحماية بإبلاغ غلمانه بعدم التحرش بها (آية 9). ويسدد عطشها بإبلاغها أن تشرب ما استقاه الغلمان. لذلك فكل ثروة بوعز وتقواه بدأت أن تتجه لخير راعوث.
نأتي الآن إلى تبادل أهم مفارقة في الإصحاح، الآيات 10-13. أثارت راعوث سؤالا وقد تبيّن أنه عميق جدا. إنه سؤالٌ نحتاج جميعا أن نوجهه لله. يكاد لا يكون هناك أيّ شيء في حياتنا أهم من الإجابة التي سنحصل عليها.
فَسَقَطَتْ عَلَى وَجْهِهَا وَسَجَدَتْ إِلَى الأَرْضِ وَقَالَتْ لَهُ: «كَيْفَ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ حَتَّى تَنْظُرَ إِلَيَّ وَأَنَا غَرِيبَةٌ؟»
تعلم راعوث أنها موآبيّة. من وجهة النظر الطبيعية يوجد عائقين ضدها. وهي لا تشعر بالاستياء من هذا، ولكن تقبله. باعتبارها غير إسرائيليّة هي لا تتوقع معاملة خاصة. تجاوبها مع إحسان بوعز مدهش.
وهي مختلفة جدا عن معظم الناس اليوم. فنحن نتوقع الإحسان ونشعر بالدهشة والاستياء إذا لم نحصل على حقوقنا. ولكن راعوث عبّرت عن إحساسها بعدم الاستحقاق بسقوطها على وجهها وسجودها إلى الأرض. الأشخاص المتكبرون لا يعبرون عن شكرهم. والأشخاص المتواضعون يزدادون تواضعا عندما يُعامَلون بكرم. فليس المقصود من النعمة أن ترفعنا من تواضعنا. وإنما غايتها أن تجعلنا سعداء في الله.
ليس على أساس الاستحقاق:
وكأننا نستبق أنفسنا. سألت راعوث بوعز لماذا يعاملها بسخاء. الآيات 11 و12 حاسمة:
فَأَجَابَ بُوعَزُ وَقَالَ لَهَا: «إِنَّنِي قَدْ أُخْبِرْتُ بِكُلِّ مَا فَعَلْتِ بِحَمَاتِكِ بَعْدَ مَوْتِ رَجُلِكِ، حَتَّى تَرَكْتِ أَبَاكِ وَأُمَّكِ وَأَرْضَ مَوْلِدِكِ وَسِرْتِ إِلَى شَعْبٍ لَمْ تَعْرِفِيهِ مِنْ قَبْلُ. لِيُكَافِئِ الرَّبُّ عَمَلَكِ، وَلْيَكُنْ أَجْرُكِ كَامِلاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي جِئْتِ لِكَيْ تَحْتَمِي تَحْتَ جَنَاحَيْهِ».
ملاحظة: عندما سألت راعوث لماذا تُعامَل بالنعمة، لا يجيبها بوعز: فالنعمة ليس لها شروط. بل يجيب على سؤالها، لماذا؟ بقوله: "لأنك أحببتِ نعمي جدا لدرجة أنك على استعداد أن تتركي الأب والأم لخدمتها في أرض غريبة".
هل هذا يعني أن الكاتب يريد منا أن نفكر في محبة راعوث لنعمي كعمل يستحق إحسان بوعز ونعمة الله؟ هل يريدنا أن نظن في النعمة أنها عطفا نكتسبه؟ لا أعتقد هذا. إذا استحقت راعوث إحسان بوعز، فيجب أن ننظر لها على أنها موظفة تقدّم خدمة لبوعز، رئيس عملها، ذات قيمة عالية لدرجة أنه مدين لها بالسداد. هذه ليست الصورة التي يريد الكاتب أن يخلقها في عقولنا. فالآية 12 تعطي صورة أخرى تجعل صورة صاحب العمل والموظف أمرا مستحيلا.
لأنها سعت للحماية تحت جناحيّ الله:
يقول بوعز في الآية 12 أن الله هو حقا الذي يكافئ راعوث لمحبتها لنعمي. فبوعز ليس سوى أداة الله (كما سنتعلم من نعمي بعد مجرد لحظة). لكن لاحظ الآن عبارة "لِيُكَافِئِ الرَّبُّ عَمَلَكِ، وَلْيَكُنْ أَجْرُكِ كَامِلاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي جِئْتِ لِكَيْ تَحْتَمِي تَحْتَ جَنَاحَيْهِ." هذه الآية لا تشجعنا أن نتصوّر راعوث كموظفة لله تقدم العمل المطلوب والتي لأجلها يكافئها الله كصاحب العمل بأجر جيد. بل الصورة هي لله كنسر عظيم مجنّح وراعوث كفرخ صغير مهدد أتى ليجد ملاذا آمنا تحت جناحيّ النسر. تطبيق الآية 12، هو أن الله سيكافئ راعوث لأنها قد لجأت للحماية تحت جناحيه.
هذا تعليم شائع في العهد القديم. على سبيل المثال، مزمور 57: 1 يقول "اِرْحَمْنِي يَا اَللهُ ارْحَمْنِي، لأَنَّهُ بِكَ احْتَمَتْ نَفْسِي، وَبِظِلِّ جَنَاحَيْكَ أَحْتَمِي إِلَى أَنْ تَعْبُرَ الْمَصَائِبُ." لاحظ كلمة "لأَنَّهُ." ارحمني يا الله، لأنه بك احتمت نفسي. لماذا يجب أن يظهر الله رحمة لراعوث؟ لأنها قد التمست ملجأ تحت جناحيه. لقد أحتسبت حمايته أفضل من كل الآخرين. وقد وضعت قلبها على الله للرجاء والفرح. وعندما يفعل الشخص ذلك، تكون كرامة الله على المحك فيكون رحيما. إذا التمست عظمة الله كمصدر لرجائك بدلا من التماس عظمتك كمصدر لرجاء الله، حينئذٍ فإنّه بالتزامه الثابت لعظمته الخاصة يشارك كلّ قلبه لحمايتك وبهجتك.
طلب الحماية في الله ومحبة الآخرين:
لكن يجب أن نسأل كيف أن محبة راعوث لنعمي وتركها لعائلتها تتعلق بمسعاها لطلب الحماية تحت جناحيّ الله. الاقتراح الأكثر ترجيحا هو أن راعوث كانت قادرة على مغادرة ملجأ والدها ووالدتها في موآب لأنها وجدت ملجأ تحت جناحيّ الله الذي كان أقوى بكثير. ومن الواضح أنها رأت احتياجا في حياة نعمي وشعرت بدعوة الله لها لتلبية هذا الاحتياج. فالنسر تحرك نحو نعمي، ولكي تظل مستمتعة بحماية جناحيّ الله، تحركت راعوث، أيضا، وألزمت نفسها لرعاية نعمي بالرعاية التي تتلقاها من نسرها.
وبالتالي فإن العلاقة بين الحماية تحت جناحيّ الله من جهة، وترك العائلة لرعاية نعمي من ناحية أخرى، هو أن الوجود تحت جناحيّ الله مكّن راعوث أن تترك الحماية الإنسانيّة وأن تقدم نفسها في المحبة لنعمي. أو بعبارة أخرى يمكن أن نقول أن ترك البيت ومحبة نعمي هي نتيجة ودليل على الحماية في الله.
رسالة الإنجيل:
والآن نعود إلى سؤال راعوث في الآية 10، "كَيْفَ وَجَدْتُ نِعْمَةً؟" الجواب هو أنها قد احتمت تحت جناحيّ الله وأن هذا قد أعطاها الحرية والرغبة في مغادرة المنزل ومحبة نعمي. أنها لم تستحق رحمة من الله أو بوعز. فهي ليست موظفة لديهم. لم يدفعوا لها أجورا على عملها. على العكس من ذلك، فقد أكرمتهم بإعلان احتياجها لعملهم وببساطة اللجوء للحماية في سخائهم.
هذه هي رسالة الإنجيل في العهد القديم والعهد الجديد. والله يرحم أي شخص (فلسطيني أو إسرائيلي أو أميركي) يتواضع مثل راعوث، ويحتمي تحت جناحيّ الله. قال المسيح:
يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا.
ما كان على الفريسيّين عمله هو الاحتماء تحت جناحي المسيح. وأن يكفّوا عن تبرير أنفسهم. يكفّوا عن الاتكال على أنفسهم. يكفّوا عن تمجيد أنفسهم. ولكنهم لم يفعوا ذلك. لم تكن راعوث نموذجا لهم. لم يسقطوا على وجوههم أمام المسيح. لم يسجدوا. لم يندهشوا بالنعمة. لا تكن مثل الفريسيين. كن مثل راعوث.
الله ليس صاحب عمل يبحث عن موظفين. إنه هو النسر الذي يبحث عن أشخاصٍ يحتمون تحت جناحيه. هو يبحث عن أشخاصٍ يتركون الأب والأم والوطن أو أي شيء آخر يمكن أن يعيقنا عن حياة المحبة تحت جناحيّ المسيح.
لاهوت نعمي عن سيادة الله:
اسمحوا لي أن أنهي بالعودة لنعمي باختصار. أعطى بوعز راعوث كل ما يمكن أن تأكله لتناول طعام الغداء (آية 14، راجع "نِعْمَة أَعْظَمَ،" يعقوب 4: 6). وهي تعمل حتى غروب الشمس. ثم عادت إلى نعمي وأعطتها مَا فَضَلَ عَنْهَا بَعْدَ الغداء وجميع الحبوب (آيات 17 – 19). ثم أخبرتها بما حدث مع بوعز، وفي الآية 20 لاهوت نعمي عن سيادة الله يخدمها بشكل جيد. إذ تقول "مُبَارَكٌ هُوَ [بوعز] مِنَ الرَّبِّ لأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ الْمَعْرُوفَ مَعَ الأَحْيَاءِ وَالْمَوْتَى." وأعتقد أن المعروف الذي تشير إليه معروف الرب. (راجع تكوين 24: 27). بوعز قد بدأ فقط في إظهار المعروف مع الموتى. كان الله قد بدى وكأنه قد ترك المعروف.
معروف الرب لم يترك الأحياء (نعمي وراعوث) أو الموتى (أليمالك وكليون). كان الرب هو الذي أزال المجاعة. كان الرب هو الذي ألزم راعوث لنعمي في المحبة. كان الرب هو الذي أبقى بوعز لراعوث. فراعوث لم تأتِ إلى حقل بوعز بالصّدفة. وقد تخلل نور محبة الله أخيرا من خلال إشراقٍ كافٍ لنعمي كي ترى. أن الرب طيب. وهو صالح لكل من يحتمي تحت جناحيه. لذا دعونا نسقط على وجوهنا، ونسجد أمام الرب ، ونعترف بعدم استحقاقنا، ونحتمي تحت جناحيّ الله، وتذهل بنعمته.