كل الكتاب/الفصل الخامس: ننتظر نوراًإشعيا 9:59
من Gospel Translations Arabic
(أنشأ الصفحة ب'{{info|Advice For Seekers/“We Wait for Light” (Isaiah 59:9)}} إنّي أخاطب أولئك الذين يريدون بصدق أن يحصلوا على النّور ا...')
المراجعة الحالية بتاريخ ١٧:٤٠، ٨ أكتوبر ٢٠٠٩
بواسطة Charles H. Spurgeon
حول الخلاص
فصل # ن من كتاب # ب
ترجمة من قبل Walid Bitar
يمكنك مساعدتنا من خلال مراجعة هذه الترجمة للتأكد من دقتها. تعرف على المزيد (English).
إنّي أخاطب أولئك الذين يريدون بصدق أن يحصلوا على النّور الحقيقي والسّماوي، والذي قد انتظروه بأمل كبير، ولكن بدلاً من أي يحصلوا عليه، أصبحوا في حالة شديدة من الحزن. بل هم ينقادون إلى مكان مظلم حيث لا نور فيه، ويكونون سجناء مقيّدين أبداً في وادي ظلّ الموت. هؤلاء الناس هم بدرجة ما مدركون لظلامهم الطبيعي ويبحثون عن النّور إذ أنّهم غير راضين بظلامهم. بعض النّاس غير راضين بأن ييبقون على ما كانوا عليه يوم ولادتهم، فلقد اكتشفوا في طبيعتهم الأولى الكثير من الشّر وسيكونون سعداء إن تخلّصوا منه، ويجدون في فهمهم الكثير من الجهل، وهم يتوقون ليكونوا مستنيرين؛ هم لا يفهمون الكتاب المقدّس حين يقرأونه، وبالرّغم من أنّهم يسمعون مقاطع من الإنجيل، ما يزالون يخفقون في إدراك الفكر الإلهي. وهم يلهثون للهروب من هذا الجهل، ويرغبون بمعرفة الحقيقة التي تخّلص أرواحهم؛ ورغبتهم ليست فقط لمعرفتها نظرياً، بل لمعرفتها بقوّتها العملية الفاعلة في أعماقهم. هم يريدون بحقٍ وبقلقٍ أن يتحرّروا من حالتهم الطّبيعيّة، التي يشعرون بأنّها حالة خطيرة، وأن يأتوا إلى حريّة أولاد الله.
إنّ هؤلاء هم أفضل أنواع السّامعين؛ أؤلئك الذين صَحَت فيهم الرّغبات السّليمة. والّذين لا يسرّونَ بالظّلمة هم ليسوا بالضّرورة جميعاً أموات، لأنّ الأموات هم في المقابر، بغض النّظر عن كونه نهاراً أو ليلاً. من الواضح أنّ مثل هؤلاء الأشخاص، لم يكونوا في سبات تامّ، بل بسبب الظّلام هم في نوم عميق؛ وهم يرجون أن لا تسطع أشعّة الشّمس كيلا تنغّص عليهم. كما من الواضح، أن أمثالهم ليسوا عميان بالكامل، لأنّه لا فرق عند الأعمى لو كانت الشّمس تغمر الأرض بنورها، أو لو كان اللّيل يسدل ستاره الأسود عليها. إنّ أولئك الذين تحوّلت أفكارنا إليهم هم مستيقظون بطريقة ما، ولكن مع الأسف هذه ليست حتّى ببركة صغيرة للعديد من النّاس إذ أنّهم لا يدركون الأمور الرّوحية. وإنّ الواعظ يحاول جاهداُ أن يخلق روحاً من بين أضلاع الموت، أو أن يبتزّ دموع الشّفقة بهدف إثارة عواطف النّاس الرّوحية. لذا فهؤلاء النّاس هم متفائلون في حالتهم، إذ كما تدير الأشجار أغصانها نحو نور الشّمس، هم يتوقون إلى يسوع، وإلى النّور وإلى حياة طبيعيّة.
زد على ذلك أنّ هؤلاء الأشخاص لديهم فكرة كبيرة عن ماهية الضوء فإنهّم يدعونه الإشراق. هم ينتظرونه، ويحزنون لأنه لا يأتي. إن كنت تقدّر الحياة الروحية فأنت لا ترتكب خطأً؛ إن كنت تحسبه أمراً بلا قيمة أن تحصل على اهتمام المسيح، ومغفرة خطاياك وسلام مع الله، فأنت تحكم باستخفاف. يجب ألاّ تبالغ في تقييمك لما هو وحده مطلوب. بالحقيقة إنّ الّذين يؤمنون بالمسيح هم أناس سعداء؛ وأن تُجلَب إلى سفينة الإبن، وتُقبلَ في عائلة الآب، هي عملية تبنّي يبادلها الملوك بأكاليلهم. لا يمكنك التّفكير إلى حدّ بعيد ببركات النعمة؛ إذ أفضّل أن أحرّض فيك اشتهاء مقدّس لها وبدرجة أكبر أن تخمّن من قيمتها. إنّ الخلاص هو بركة تمنحها لنا السّماء؛ فإن حصلت على النّعمة فقد حصلت على السّماء داخلك، وعلى الأمان، وعلى الوعد وعلى عربون النعمة الأبدية. حتى الآن، هنالك قدر كبير من الأمل والتّفاؤل داخلك. وهو أمر جيد أن تحتقر الظلام وتمجّد النّور.
إنّ الذين أودّ التّكلم إليهم لديهم بعض الأمل بأنّهم لربّما سيحصلون على هذا النّور؛ بل بالحقيقة، هم ينتظرونه وبأمل: لكنّهم قد يخيب أملهم بعض الشيء لو بعد طول انتظارهم للنّور، يأتي الظّلام. وسيكونون مندهشين حقاً من فشل آمالهم. هم يتعجّبون إذ يجدون أنفسهم يمشون في الظلام، عندما تمنّوا بشغفٍ لو أنّ نور المسيح شعّ من حولهم. وإنّي أشجّع فيك تلك الشرارة من الأمل، إذ إنّ اليأس هو أحد أكثر العوائق فظاعة لمنعك من قبول بشارة الإنجيل. وطالما إنّ المذنبين الصّاحين يتعلّقون بأمل الرحمة، إذاً هنالك دائماً أمل لهم. نتمنّى أيّها الباحث، أنّه قبل أن تصبح قادراً على طلب السّماح الذي يُشترى بالدّم، وعندما تنتهي، عليك أن تدخل أبواب المدينة اللؤلؤية المخصّصة للمباركين الذين سيرون دائماً وجه الههم. مع أنه خلال مشاهدتك لما هو غير قابل للتصديق، حتى خلال لحظاتك الهادئة فكّر بأنه في يوم من الأيام ستبتهج بأن المسيح معك، فخذ مكانك بين شعبه، بين أفقرهم حسب تقديرك. ثمّ تخيّل في قلبك كم أنّك ستحبّ مخلّصك بقوّة وحماس، وكم أنّك ستقبّل غبار قدميه، وكم أنّك ستبارك بامتنانٍ من رفع الفقراء من مزبلة هذا العالم ووضعهم بين الأشراف. فليتك لا تنظر بحزنٍ بعد الآن من خلال النّافذة إلى المأدبة، إذ أصبح بإمكانك الجلوس إلى الطّاولة، لتأكل من المسيح، مبتهجاً مع المختارين!
إنّ الأشخاص الذين أصفهم هم الذين تعلّموا كيف يدافعون عن حالتهم أمام الله. " ننتظر نوراً فإذا ظلام، ضياءً فنسير في ظلام دامس". إنّه إعلان عن شعور خفيّ وداخلي، وإظهار لآلام القلب. مع أنّك لم تجد بعد السّلام الذي تبحث عنه، لكنّه أمر جيّد أن تكون قد بدأت بالصلاة من أجل هذا الموضوع. من الممكن أن تكون قد فكّرت أنّها صلاة ضعيفة؛ أو أنّك لا تهتمّ أصلاً بأن تدعوها صلاة؛ لكن في الحقيقة، الله هو الذي يحكم ولست أنت. إنّ أيّ تأوّه هو مسموع في السّماء؛ وكلّ تنهّد عميق ودموع منهمرة هي أسلحة موجودة أمام عرش الله. نعم، إنّ روحك تبكي أمام الله، وأنت لا تستطيع المساعدة بشيء. وعندما تزاول أعمالك اليوميّة، تجد نفسك تقول وأنت تتنهّد " آه، لو أنّ حمل ذنوبي يختفي! آه، لو كان باستطاعتي أن أدعو الله أبي بلسان غير متلعثم!". ليلة بعد ليلة، ونهاراً بعد آخر تزداد هذا الرّغبة كما ترتفع السّحب من الأودية صباحاً. يمكنك أن تخلع ذراعك اليمنى، أو عينك اليمنى، إن كنت ستكسب خلاص المسيح. أنت فعلاً متلهّف وبصدق للمصالحة مع الله، وقلقك يكشف نفسه من خلال الصّلاة والتّضرّع. وأنا أتمنّى أن تستمر هذه الصلاوات. كما أؤمن أنّ دموعك لن تتوقّف. ليت الرّوح القدس يجبرك على مواصلة التّنهّد والإلحاح! كمثل الإمرأة الملحّة المذكور في لوقا 1:18-8، وليتك تضغط على حالك حتّى تحصل على الجواب المليء بالرأفة من خلال استحقاقات يسوع المسيح. حتى الآن إنّ الأمور واعدة بالنّسبة لك؛ لكن عندما أقول واعدة، أتمنّى لو كان بإمكاني قول المزيد، إذ أن الأمل المجرّد غير كاف. ليس كافياً أن نملك الرّغبة، ولا أن نملك الإرادة، ولا أن نصلّي؛ بل عليك أن تحصل على الحقيقة، وأن تمسك الحياة الأبديّة. فأنت لن تتمتّع بالرّاحة والسّلام حتى تنتقل من الأمل الضّعيف الذي تملك إلى مرحلة أفضل وأوضح، متأكّداً من اهتمامك في المسيح يسوع، من خلال عيش إيمان حيّ وملائم. فكل الهدايا والنعم التي تحتاجها مخزّنة لك في شخص المخلّص السّامي وجاهزة لتسديد حاجاتك. آه، ليتك تأتي إلى امتلائه، وتأخذ منه كلّ النّعم!
الشخص الذي أتمنى أن أعزّيه من الممكن أن أصفه بطريقة أخرى. إنّه شخص يرغب فعلاً بتعرية قلبه أمام الله، والإقرار برغباته، سواء كانت صحيحة أو خاطئة، وعرض حالته، سواء كانت صحيحة أو لا. فبينما نحن نخفي أيّ شئ عن الله، نكون أشراراً وحمقى. عندما تكون لدينا رغبة للإختفاء والاختباء بعيداً عن خالقنا، هذا دليل على وجود روح عاصية لدينا؛ لكن عندما يكشف الشّخص عن جراحه، ويعاين قروحه، ويطلب من الجرّاح استئصال برصه الذي يغطّي فساده، ويسأله أن يبحث عنه حتّى الأعماق، وأن يرى أيّ شر ساكن فيه؛ وأن لا يبقي عليه، بل أن يتأكّد من أنّه سيعالجه إلى التّمام. عندما يرغب المرء بأن يعترف أمام الله بحريّة، وبدون نفاق، ويبوح بما في داخله أمامه، فيصل إلى ما يرجوه. حين تخبر الله عن وضعك وتعرض أمامه مطالبك – أنا أؤمن بأنّك ستواصل عمل هذا حتّى تجد الرّاحة؛ لكنّني أملك أيضاً أملاً أكبر، بأنّك قد تحصل على السلام قريباً مع الله من خلال يسوع المسيح سيّدنا.