المسيح هو نهاية التعصّب العرقي
من Gospel Translations Arabic
بواسطة John Piper حول الانسجام العرقي
ترجمة من قبل Desiring God
وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ حَيْثُ كَانَ قَدْ تَرَبَّى. وَدَخَلَ الْمَجْمَعَ حَسَبَ عَادَتِهِ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَامَ لِيَقْرَأَ، 17فَدُفِعَ إِلَيْهِ سِفْرُ إِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ. وَلَمَّا فَتَحَ السِّفْرَ وَجَدَ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ مَكْتُوبًا فِيهِ: 18«رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ، 19وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ». 20ثُمَّ طَوَى السِّفْرَ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْخَادِمِ، وَجَلَسَ. وَجَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْمَجْمَعِ كَانَتْ عُيُونُهُمْ شَاخِصَةً إِلَيْهِ. 21فَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ:«إِنَّهُ الْيَوْمَ قَدْ تَمَّ هذَا الْمَكْتُوبُ فِي مَسَامِعِكُمْ». 22وَكَانَ الْجَمِيعُ يَشْهَدُونَ لَهُ وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْ كَلِمَاتِ النِّعْمَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ فَمِهِ، وَيَقُولُونَ: «أَلَيْسَ هذَا ابْنَ يُوسُفَ؟» 23فَقَالَ لَهُمْ:«عَلَى كُلِّ حَال تَقُولُونَ لِي هذَا الْمَثَلَ: أَيُّهَا الطَّبِيبُ اشْفِ نَفْسَكَ! كَمْ سَمِعْنَا أَنَّهُ جَرَى فِي كَفْرِنَاحُومَ، فَافْعَلْ ذلِكَ هُنَا أَيْضًا فِي وَطَنِكَ» 24وَقَالَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ مَقْبُولاً فِي وَطَنِهِ. 25وَبِالْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَرَامِلَ كَثِيرَةً كُنَّ فِي إِسْرَائِيلَ فِي أَيَّامِ إِيلِيَّا حِينَ أُغْلِقَتِ السَّمَاءُ مُدَّةَ ثَلاَثِ سِنِينَ وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ، لَمَّا كَانَ جُوعٌ عَظِيمٌ فِي الأَرْضِ كُلِّهَا، 26وَلَمْ يُرْسَلْ إِيلِيَّا إِلَى وَاحِدَةٍ مِنْهَا، إِلاَّ إِلَى امْرَأَةٍ أَرْمَلَةٍ، إِلَى صَرْفَةِ صَيْدَاءَ. 27وَبُرْصٌ كَثِيرُونَ كَانُوا فِي إِسْرَائِيلَ فِي زَمَانِ أَلِيشَعَ النَّبِيِّ، وَلَمْ يُطَهَّرْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إِلاَّ نُعْمَانُ السُّرْيَانِيُّ». 28فَامْتَلأَ غَضَبًا جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْمَجْمَعِ حِينَ سَمِعُوا هذَا، 29فَقَامُوا وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، وَجَاءُوا بِهِ إِلَى حَافّةِ الْجَبَلِ الَّذِي كَانَتْ مَدِينَتُهُمْ مَبْنِيَّةً عَلَيْهِ حَتَّى يَطْرَحُوهُ إِلَى أَسْفَلٍ. 30أَمَّا هُوَ فَجَازَ فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى.
حاولت يوم الأحد الماضي أن انفخ بوقا عن رؤية دَعَوْتُها "زرع شغف". هل نستطيع أن نأتي معا ككنيسة بأكلمها، ونشعل اجهزة إنذار حول حلم ونزرع كنيسة في عام 2002 في مكان آخر في توين سيتيز - أو حتى إلى ما أبعد من هذا (مثل شارلوت، نورث كارولاينا ليتزامن مع خطوة BGEA هناك)؟ دعوت ذلك "زرع شغف" بحيث يكون من الواضح أن هذا تركيز محدد لبيان إرسالية كنيستنا: نحن موجودون لنشر الشغف لسيادة الله في كل شيء من أجل فرح جميع الشعوب من خلال يسوع المسيح. ولكني أوضح أن الهدف ليس هو مجرد زرع أي نوع من الكنائس. بل وضعت بعض أوصاف محددة لها: متمركزة حول الله، ممجدة للمسيح، مشبعة بالكتاب المقدس، معبئة للإرساليات، رابحة للنفوس، ساعية للعدالة، الخ.
السعي لتحقيق العدالة:
عندما استخدمتُ مصطلح "السّعي للعدالة،" كان في ذهني على الأقل مسألتين: محور هذا الأحد عن الانسجام العرقي وتركيز يوم الأحد المقبل على قدسية الحياة. إن اثنين من القضايا الكبرى لبلادنا هنا في بداية القرن 21 هي قضايا العدالة العرقية والعدالة للذين لم يولدوا بعد. وأعتقد أن هناك علاقة بين كون الكنيسة ساعية للعدالة وكونها كنيسة متمركزة حول الله، وممجدة للمسيح، ومشعبة بالكتاب المقدس.
نحن بحاجة إلى أن نكون أكثر تمركزا حول الله، وتمجيدا للمسيح، وإشباعا بالكتاب المقدس:
أحد الأسباب أن الكنيسة الانجيلية - وخاصة كنيسة البيض الإنجيلية (حتى هذا الوصف هو أمر مؤسف، كما هو الحال في "الكنيسة السوداء") - واحدة من الأسباب أننا لم نسْعَ للعدالة العرقية والعدالة للذين لم يولدوا بعد بقدر كبير من الشغف بحسب ما ينبغي علينا هو أننا لم نكن متمركزين حول الله، وممجدين للمسيح ومشبعين بالكتاب المقدس كما نظن.
عندما نقول: "نحن نوجد لنشر الشغف لسيادة الله في كل شيء من أجل فرح جميع الشعوب،" هل فكرنا حقا كيف نجعل الله هو السّائد في العلاقات العرقية؟ هل فكرنا كيف أنّ المسيح يمجّد في العلاقات العرقية؟ هل سألنا كيف يشبع الكتاب المقدس تفكيرنا وشعورنا وسلوكنا بشأن العلاقات العرقية وقضايا العرق في مجال التعليم، والسكن، والاقتصاد، وتكوين جسد المسيح؟ هل تشكل سيادة الله، ومجد المسيح والرسالة الراديكالية للكتاب المقدس تفكيرنا وشعورنا وسلوكنا في "كل شيء من أجل فرح جميع الشعوب”؟
شلل النقص:
لذلك عندما نفكر في زرع الكنائس، هذا ليس لأننا قد وصلنا، وبالتالي على استعداد لإعادة إنتاج أنفسنا. إن كنا ننتظر حتى نقدر أن نتجرّأ على مثل هذا الشيء، فلن نفعل ذلك - ولن تتزوج، أو تظل متزوجا، أو تحصل على أول وظيفة أو الاحتفاظ بها، أو الخوض في الإرساليات أو البقاء فيها، أو اقرار أن يكون لك أطفال أو بداية خدمة. عدد قليل من الأشياء تشل أناسا جيدين أكثر من نقصانهم. كم أتمنى أن يقيم الله شعبا يريد الاستماع والتعلم، وترك الانتقادات التي تشل الحركة من القائلون لا وكلا. نحن لا نهدف إلى زرع كنيسة لأن لدينا الكمال، ولكن لأن لدينا حلم: أنّ كنيسة جديدة في مكان جديد مع قادة مختلفين سوف تفعل بعض الأشياء بشكل أفضل بكثير مما نفعله هنا، مُصوّرة بنفس الرؤية الكتابية.
عش لأجل قضية عظمى، وليس لأجل راحة عظمى:
واحدة من الطرق التي أفكر بها في في زرع الشغف هي أننا نزرع شعبا يلتزم بأن يحيا من أجل قضية عظمى، وليس لأجل راحة عظمى. لقد وعظت سابقاً تحت شعار: أن تكون مسيحيا هو أن تتجّه نحو الحاجة وليس الراحة. أن استيقظ في الصباح واذهب إلى الفراش ليلا وأنا أحلم كيف أحقق تقدّماً في أمور راحتي، ولكن كيف أحقق تقدّماً نحو قضية عظمى مركزها الله. فزرع الشغف يعني زرع أشخاصٍ لا ينفقون أنفسهم ليلا ونهارا في السّعي وراء المحافظة على الذات، وتمجيد الذات، وترفيه الذات، ولكن يسعون وراء شيئا أكبر وأعظم من أنفسهم أو عائلاتهم أو كنيستهم.
ما هي القضية الأعظم التي تحيا لأجلها؟ هذا الأحد ويوم الأحد القادم سأسأل، هل يكون هناك بعضاً منكم - المئات منكم - يقولون، "هذه هي القضية العظمى لحياتي أن أمجد يسوع المسيح من خلال عدالة عرقية وتناغم عرقي محوره الله، ومشبع بالكتاب المقدس"؟ أو يقولون، "هذه هي القضية الكبرى في حياتي أن أمجد يسوع المسيح من خلال عدالة من لم يولد بعد محورها الله ومشبعة بالكتاب المقدس." كم أتمنى أن يقيم الله، ضد كل تمركز حول الذات وولاءات مؤقتة وتكريس غير منضبط، رجالا ونساءً يحملون قضية عظمى، ليست بطريقة عمل الأدرينالين (الكظرين أو الهرمون المنشط) ولكن بطريقة عمل القلب! فالأدرينالين ينتج نشاطاً مفاجئاً من الطاقة المحتاجين إليها، ثم يجعل الجسم يسقط. لكن القلب لا يكف عن ضخ الحياة في الجسم في الأوقات الحسنة والأوقات الصعبة، في الشتاء والصيف، والسعادة والحزن، والقوة والضعف، والمرض والصحة! كم أتمنى أن يكون هنا مسيحيّون مثل الشريان التاجي في قضية العدالة العرقية، وليس فقط مسيحيّون مثل الأدرينالين!
نحن بحاجة إلى وليام ويلبرفورس:
مَن منكم يكونون وليام ويلبرفورس في عصرنا هذا؟ لقد كان مسيحيا عميقا، وإنجيليا حيويا، شغوفاً على المدى الطويل في قضية العدالة العنصرية في انكلترا. في 28 أكتوبر 1787 كتب في مذكراته عن عمر يناهز ال 28، "لقد وضع الله القدير أمامي هدفين عظيمين، قمع تجارة الرقيق والاصلاح [الأخلاقي]" (جون بولوك، ويلبرفورس، ص. 69). هُزم في معركة بعد معركة في البرلمان لأنّ تجارة الرقيق الأفريقي كانت متداخلة بشكل أكثر من اللازم في المصالح المالية للدولة. لكنه لم يستسلم أبدا، ولم يجلس. لم يكن مسيحيا كالأدرينالين، ولكنه كان مسيحيا مثل الشريان التاجي. في 24 فبراير 1807 الساعة الرّابعة صباحا، وبعد عشرين عاما من كتابته في دفتر يوميّاته، ثم التصويت الحاسم على جعل تجارة الرقيق غير شرعيّة. كما أنّ العمل لا يزال غير مكتمل بعد عشرين عاماً من المثابرة. فماذا عن الاحتفاظ بالعبيد في حد ذاته؟ في 26 يوليو 1833، بعد 16 سنة، وقبل ثلاثة أيام من وفاته، تم التصويت بجعل الرق غير شرعيّ في بريطانيا ومستعمراتها.
لذلك عندما أفكر في زرع الشغف، أفكر في زرع كنيسة تربي هذا النوع من الشغف – شغفاً مثل الشريان التاجي، وليس شغفاً كالأدرينالين. التزاماً متمركزاً حول الله، ممجّداً للمسيح، مُشبَّعاً بالكتاب المقدس، وساعياً للعدالة، ولا يخشى الموت، لقضية عظيمة وليس من أجل الرّاحة.
لذلك إذا كنا نريد أن نضع الله في المركز ونمجد المسيح ونكون مُشبّعين بالكتاب المقدس، دعونا نذهب إلى الإنجيل ونستمع إلى المسيح وننظر للمسيح وهو يضع حدا للتعصب العرقي. فالنعرة العرقية – هي القناعة أو الشعور بأنّ تصنيفي العرقي ينبغي أن يُعامل بتعالي أو بتميز.
لوقا 4: 16-30: إن الملكوت مختلف عرقيا عما تعتقد:
نبدأ في لوقا 4: 16-30. هنا صبيا نشأ في البلدة يعود إلى مسقط رأسه، مدينة الناصرة، بعدما اشتهر في كفرناحوم. ذهب إلى المجمع في يوم السبت وجاء حشد ليستمع إليه. وما قدّمه في هذه الرسالة لا يصدّق تقريباً. فقد حرّض نوعاً ما على الشغب. وفعل ذلك عمدا. أولا أعطوه سفر إشعياء النبي لكي يقرأ منه، واختار الإصحاح 61. وهو عن المخلص الآتي الذي يطلق المأسورين أحرارا ويعلن سنة الرب المقبولة (الآيات 18ب-19)، ثم ادّعى أن ذلك تم في مسامعهم. الآية 21: "فَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ:«إِنَّهُ الْيَوْمَ قَدْ تَمَّ هذَا الْمَكْتُوبُ فِي مَسَامِعِكُمْ»." كان ذاك مذهلا. عناوين الصحف: "صبي محلي يدّعي أنه المسيا". لكن هذا لم يتسبب في احداث شغب. الآية 22: "وَكَانَ الْجَمِيعُ يَشْهَدُونَ لَهُ وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْ كَلِمَاتِ النِّعْمَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ فَمِهِ." حتى الآن الأمر جيد.
لكن انظر ما قاله بعد ذلك. غير متوقع على الإطلاق! لا يمكن تفسيره إن كان ما تريده هو مجموعة أتباع. لا يمكن تفسيره إن كنت تريد فقط نمو الكنيسة. فقد اختار أن يروي قصتين من العهد القديم تحلقان تماما في وجه التعصب العرقي في بلدته. بالكاد يكون أكثر هجوماً. وهو يعلم ما ستكون اجابتهم لأنه يقول في الآية 24 "الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ مَقْبُولاً فِي وَطَنِهِ." وبعبارة أخرى، نعم أنتم تتحدثون حسنا عني الآن (الآية 22 )، بينما لديكم تصوركم الخاص عما سيفعل المسيا، وعما ستكون عليه مملكته. ولكن انتظروا حتى أقول لكم ما أنا على وشك القيام به وما ستكون عليه مملكتي.
ثم يروي القصة الأولى. الآيات 25-26، مأخوذة من 1 ملوك 17: "وَبِالْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَرَامِلَ كَثِيرَةً كُنَّ فِي إِسْرَائِيلَ فِي أَيَّامِ إِيلِيَّا حِينَ أُغْلِقَتِ السَّمَاءُ مُدَّةَ ثَلاَثِ سِنِينَ وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ، لَمَّا كَانَ جُوعٌ عَظِيمٌ فِي الأَرْضِ كُلِّهَا، 26وَلَمْ يُرْسَلْ إِيلِيَّا إِلَى وَاحِدَةٍ مِنْهَا، إِلاَّ إِلَى امْرَأَةٍ أَرْمَلَةٍ، إِلَى صَرْفَةِ صَيْدَاءَ." فمن لا شيء يروي قصة عن تخطي الله لكل اليهود العرقيين لتحقيق بركة معجزية لغريب وغير يهودي في أرض صيدا (فينيقيا). وفعل ذلك بشكل صارخ وبقوة وبدون تليين أو تفسير: كان هناك العديد من الأرامل في إسرائيل، وبارك الله أجنبية.
وإن لم يكن ذلك كافيا فهو يروي قصّة ثانية في الآية 27 من 2 ملوك 5: "وَبُرْصٌ كَثِيرُونَ كَانُوا فِي إِسْرَائِيلَ فِي زَمَانِ أَلِيشَعَ النَّبِيِّ، وَلَمْ يُطَهَّرْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إِلاَّ نُعْمَانُ السُّرْيَانِيُّ." مرة أخرى الفكرة هي: من بين جميع الناس الذين كان من الممكن أن يختار من بينهم الله ليشفيهم من مرض البرص اختار الله ملكاً أجنبيا، سريانيا، وليس يهوديا.
لم تُفقَد هاتين القصتين في التعصب العرقي بالناصرة. الآية 28 "فَامْتَلأَ غَضَبًا جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْمَجْمَعِ حِينَ سَمِعُوا هذَا، 29فَقَامُوا وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، وَجَاءُوا بِهِ إِلَى حَافَّةَ الْجَبَلِ الَّذِي كَانَتْ مَدِينَتُهُمْ مَبْنِيَّةً عَلَيْهِ حَتَّى يَطْرَحُوهُ إِلَى أَسْفَلٍ. 30أَمَّا هُوَ فَجَازَ فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى." فهموا الموضوع، ولم يعجبهم.
والآن ما هي الفكرة من وراء هذه القصة؟ الفكرة هي: الملكوت الذي آتي به، يقول المسيح، هو مختلف عرقيا عما تظنون. المكان الذي اخترتموه إسرائيل لم يسفر عن التواضع والرحمة، بل على الكبرياء والازدراء. المسيح هو نهاية التعصب العرقي. انظروا إلي. تعلموا مني، يقول المسيح: لقد جئت لفداء أشخاصٍ من كل مجموعة عرقية، وليس فقط واحدة أو عدد قليل. ويل لكم لعدم رؤيتكم، من خلال عدل ورحمة الله، غيرته ليجمع من جميع الشعوب مملكة كهنة وأحباء.
متى 8: 5-13: الإيمان بالمسيح يفوق العرقية:
هل ذهبتُ بعيدا جدا في نطق الويل لهؤلاء الناس في الناصرة؟ عليك أن تقرر حين تنظر إلى قصة أخرى، وهذه المرة من متى 8: 5-13. أنهى المسيح الموعظة على الجبل في متى 5-7 و بعد ذلك، في متى 8: 1-4، مَسَّ أبرصا، وهو الأكثر احتقارا ونبذا لجميع السكان في إسرائيل، وشفاه. ثم في متى 8: 5 دخل كفرناحوم، واجتمع مع النوع الثاني الأكثر احتقارا وهجوما من البشر - وهو قائد المئة الروماني. مثل لقاء مشاة البحرية الأمريكية مع مناضلٍ من أجل الحرية في حركة طالبان. وحقيقة أن قائد المئة هذا لديه شهرة بين اليهود لم يعلنها متى (لوقا 7:3-5)، إذ لا صلة لها بهذه الفكرة. فالرّجل أجنبي، وهو غير يهودي. هذا هو تركيز متى.
ماذا ستكون فكرة هذه القصة؟ توسل قائد المئة من المسيح، وقال: "يَا سَيِّدُ، غُلاَمِي مَطْرُوحٌ فِي الْبَيْتِ مَفْلُوجًا مُتَعَذِّبًا جِدًّا." بدون أدنى تردد أو استعلام قال المسيح في الآية 7 "أَنَا آتِي وَأَشْفِيهِ." ثم قال قائد المئة شيئا تعجب منه المسيح. الآية 8: " يَا سَيِّدُ، لَسْتُ مُسْتَحِقًّا أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي، لكِنْ قُلْ كَلِمَةً فَقَطْ فَيَبْرَأَ غُلاَمِي. لأَنِّي أَنَا أَيْضًا إِنْسَانٌ تَحْتَ سُلْطَانٍ. لِي جُنْدٌ تَحْتَ يَدِي. أَقُولُ لِهذَا: اذْهَبْ! فَيَذْهَبُ، وَلآخَرَ: ائتِ! فَيَأْتِي، وَلِعَبْدِيَ: افْعَلْ هذَا! فَيَفْعَلُ.”
عندما يسمع المسيح هذا، في الآية 10، يتعجب. ثم يأخذ هذا الوضع برمته الذي يعتقد الجميع أنه عن الشفاء والقوة والسلطان، ويحوّله إلى شيء مختلف تماما، أي موقفٍ عن تكوين الملكوت من أجانب وعن مخاطر الاتكال على الهوية العرقية للبركة. الآية 10ب: "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ أَجِدْ وَلاَ فِي إِسْرَائِيلَ إِيمَانًا بِمِقْدَارِ هذَا! وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِب..." المشارق والمغارب! ما هذا؟ تلك هي فينيقيا (قطاع غزة)، ومصر، واليونان، والسعودية، وبلاد فارس (الأردن، إيران، العراق، أفغانستان، باكستان، الهند، الصين). وماذا سيحدث عندما يأتون – أؤلئك الأجانب الغير مختونين والغرباء عن الشريعة اليهودية وبمظاهر أجنبيّة؟ الآية 11ب: "[هم سوف] يَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.”
إنّ هذا حقاً أمرٌ مثير للصدمة! عليك أن تشعر بقوة هذا. هنا يقول المسيح لشعب الله المختار من إسرائيل أنّ الرومان أولاً، مثل قائد المئة المؤمن هذا، وبعد ذلك كل أنواع الأجناس الأممية النجسة، سوف تدخل ملكوت السماوات، ولكن أنتم، "أبناء الملكوت، "فسوف تُطرحون إلى الظلمة الخارجية. هذا أمرٌ لم يُسمَع أن تتحدث به عن الجنس المختار بهذه الطريقة. ماذا يقول؟ يقول: المسيح هو نهاية التعصب العرقي.
أو لنشرحها على نحو أجابيّ أكثر: يقول المسيح أنه مع مجيئه صارت طريقة جديدة متطرّفة لتعريف شعب الله، وهي الإيمان به. الإيمان بالمسيح يفوق التميّز العرقي. وهذا يحدث مرارا وتكرارا في الأناجيل:
1. قصة السامري الصالح - الأجنبي هو بطل الرحمة (لوقا 10: 33).
2. شفاء العشرة البرص، عاد واحد فقط، ومن هو؟ السامري، يضيء الأجنبي بامتنان متواضع (لوقا 17: 16).
3. شفاء ابنة المرأة الفينيقية السورية في (مرقس 7: 26).
4. سجود حكماء المشرق، ربما من بلاد فارس أو العربية (متى 2: 1).
5. وأخيرا موت وقيامة المسيح الذي فسره هو نفسه مقدما في مَثل المستأجرين (متى 21: 33-43). حيث أرسل صاحب الكرم ابنه لجمع الأثمار من شعبه. فقتلوه. وسأل المسيح: "مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟" ماذا يفعل الله عندما رُفض ابنه من قبل شعبه المختار؟ الآية 43 تعطي الجواب: "إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ.”
ليس اللون، ولكن الإيمان في المسيح:
كان هذا ما يشير إليه مارتن لوثر كينغ في خطابه الشهيرة عندما قال: "لدي حلم أن يحيا أطفالي الأربعة في يوم من الأيام في أمة لا تحكم بحسب لون بشرتهم ولكن بحسب أخلاقهم وشخصيّاتهم.”
يسوع هو نهاية التعصب العرقي. ليس اللون بل الإيمان بالمسيح، هو علامة الملكوت. نويل وأنا كنا نستغرق في الذكريات على الهاتف يوم أمس، عندما كنا نتحدث مع بنيامين، ابننا في شيكاغو. تذكرنا أوربانا 1967. عندما سُئل وارين ويبستر أمام 15،000 طالب، ماذا لو ابنتك قررت أن تتزوج من باكستانيا، بينما أنت تخدم هناك؟ جوابه لا يزال يرن في آذاننا إلى اليوم، كما آمل أن تكون هذه الرسالة في آذانكم: أفضل باكستاني فقير مسيحي عن أبيض، غني، غير مؤمن، صاحب بنك، أمريكي. وبعبارة أخرى، المسيح، وليس اللون هو المهم. المسيح هو نهاية التعصب العرقي.
إذا أردنا أن نزرع كنيسة متمركزة حول الله، وممجدة للمسيح، ومشبعة بالكتاب المقدس، وساعية للعدالة، فيجب أن تنتهي هنا أيضا. ويا له من شيء جميل عندما تنتهي وحال كلّ قبيلة وجنس وشعب يمجد المسيح. يا رب، حقق ذلك!