الخيانة الكونية (مايو 2008(

من Gospel Translations Arabic

(الفرق بين المراجعتين)
اذهب إلى:الإبحار, البحث
(أنشأ الصفحة ب'<p><span class="fck_mw_template"><span class="fck_mw_template"><span class="fck_mw_template"><span class="fck_mw_template">{{Info|Cosmic Treason (May 2008)}}</span></span><...')
 
(1 مراجعة متوسطة غير معروضة.)
سطر ١: سطر ١:
-
<p><span class="fck_mw_template"><span class="fck_mw_template"><span class="fck_mw_template"><span class="fck_mw_template">{{Info|Cosmic Treason (May 2008)}}</span></span></span></span>
+
<p><span class="fck_mw_template"><span class="fck_mw_template"><span class="fck_mw_template"><span class="fck_mw_template"><span class="fck_mw_template"><span class="fck_mw_template"><span class="fck_mw_template">{{Info|Cosmic Treason (May 2008)}}</span></span></span></span></span></span></span>
&gt;تبدو عبارة خطيئة الخطيئة " إطالة أو إسهاب فارغ لا يضفي شيئا للموضوع المراد مناقشته، و مع ذلك، فإن ضرورة التحدث عن خطيئة الخطيئة فرضته علينا العادات، وحتى الكنيسة التي قللت من أهمية الخطيئة نفسها.
&gt;تبدو عبارة خطيئة الخطيئة " إطالة أو إسهاب فارغ لا يضفي شيئا للموضوع المراد مناقشته، و مع ذلك، فإن ضرورة التحدث عن خطيئة الخطيئة فرضته علينا العادات، وحتى الكنيسة التي قللت من أهمية الخطيئة نفسها.
وتطلق كلمة الخطيئة في مفهومها التداولي في عصرنا الحالي  على  حالة اقتراف الأخطاء أو الافتقار إلى إتخاد اختيارات سليمة، فمثلا، عندما أجتاز امتحان أو اختبار هجاء, في حالة ارتكبي لخطأ ما فذلك من شانه أن يجعلني أحصل على درجة متدنية. لذلك لا يسعني إلا أن ألجئ إلى اقتراف خطأ ما، كاستراق النظر لورقة امتحان زميلي ونسخ أجوبته لكي أحصل على علامة جيدة. في هذه الحالة، فخطئي تجاوز المستوى الأخلاقي. برغم كون هذه الخطيئة اشتركت مع الخطأ المقترف الناتج عن الكسل، و مع أن حالة الغش اقترفت بشكل خطير هنا. فإن وصف  الخطيئة ب &quot;الافتقار إلى إتخاد خيارات جيدة&quot; يعد وصفا موفقا ، وهو أيضا تعبير لطيف يقلل من خطورة الفعل، فقرار ارتكاب الخطيئة يعد قرارا مفتقرا فعلا، وهو أيضا ليس مجرد زلة بسيطة، بل هو عمل تجاوز المستوى الذي تفرضه ألأخلاق.
وتطلق كلمة الخطيئة في مفهومها التداولي في عصرنا الحالي  على  حالة اقتراف الأخطاء أو الافتقار إلى إتخاد اختيارات سليمة، فمثلا، عندما أجتاز امتحان أو اختبار هجاء, في حالة ارتكبي لخطأ ما فذلك من شانه أن يجعلني أحصل على درجة متدنية. لذلك لا يسعني إلا أن ألجئ إلى اقتراف خطأ ما، كاستراق النظر لورقة امتحان زميلي ونسخ أجوبته لكي أحصل على علامة جيدة. في هذه الحالة، فخطئي تجاوز المستوى الأخلاقي. برغم كون هذه الخطيئة اشتركت مع الخطأ المقترف الناتج عن الكسل، و مع أن حالة الغش اقترفت بشكل خطير هنا. فإن وصف  الخطيئة ب &quot;الافتقار إلى إتخاد خيارات جيدة&quot; يعد وصفا موفقا ، وهو أيضا تعبير لطيف يقلل من خطورة الفعل، فقرار ارتكاب الخطيئة يعد قرارا مفتقرا فعلا، وهو أيضا ليس مجرد زلة بسيطة، بل هو عمل تجاوز المستوى الذي تفرضه ألأخلاق.
-
&lt;/pre&gt;
+
 
-
&lt;p&gt;في كتابي" حقيقة الصلب" خصصت فصلا كاملا لمناقشة مفهوم خطيئة الخطيئة. حيث استهلت هذا الفصل  باستعمال  منطق الشك المطلق لما تلقيت الطبعة الحديثة لكتاب اقتباسات بارتليت المألوفة. رغم سعادتي لتلقي النسخة المجانية، استغربت أن يرسلها لي غريب. وأنا أتصفح صفحة الاقتباسات التي تشمل تعابير للفلاسفة إمانويل كانط، وأرسطو، وتوما الاكويني ، وغيرهم ، زاد دهشتي أكثر وجود اقتباسات من كلامي استشهدت بها في أحد المُقْتَطَفَات التنويرية التي أعجبتني، فتسألت  عن الشيء  الذي قلته و الذي استحق إدراجه كمقتطفات أدبية  في هذا الكتاب، فكان الجواب في عبارة مسندة إلي  "الخطيئة هي خيانة كونية " وما قصدته من خلال هذه العبارة، هو أن أدنى خطيئة يرتكبها المخلوق ضد خالقه تمس قداسة الخالق، ومجده، و حقوقه. فكل خطيئة، رغم ضئالتها، هي تمرد ضد سيادة الله الذي يحكمنا و يسيطر علينا وعلى هذا النحو فهي خيانة ضد إله أو ملك الكون.
+
في كتابي" حقيقة الصلب" خصصت فصلا كاملا لمناقشة مفهوم خطيئة الخطيئة. حيث استهلت هذا الفصل  باستعمال  منطق الشك المطلق لما تلقيت الطبعة الحديثة لكتاب اقتباسات بارتليت المألوفة. رغم سعادتي لتلقي النسخة المجانية، استغربت أن يرسلها لي غريب. وأنا أتصفح صفحة الاقتباسات التي تشمل تعابير للفلاسفة إمانويل كانط، وأرسطو، وتوما الاكويني ، وغيرهم ، زاد دهشتي أكثر وجود اقتباسات من كلامي استشهدت بها في أحد المُقْتَطَفَات التنويرية التي أعجبتني، فتسألت  عن الشيء  الذي قلته و الذي استحق إدراجه كمقتطفات أدبية  في هذا الكتاب، فكان الجواب في عبارة مسندة إلي  "الخطيئة هي خيانة كونية " وما قصدته من خلال هذه العبارة، هو أن أدنى خطيئة يرتكبها المخلوق ضد خالقه تمس قداسة الخالق، ومجده، و حقوقه. فكل خطيئة، رغم ضئالتها، هي تمرد ضد سيادة الله الذي يحكمنا و يسيطر علينا وعلى هذا النحو فهي خيانة ضد إله أو ملك الكون.
</p><p>والخيانة الكونية هي طريقة لوصف مفهوم الخطيئة، لأنه عندما ننظر في الطريقة التي يصف بها الكتاب المقدس الخطيئة، نرى ثلاثة أشياء تظهر بشكل جلي. الشي الأول، أن الخطيئة هي دين أو مغرم والثاني، هي مصطلح للعداوة؛  والشيء الثالث، هي  صورة لجرم أو عمل أحمق. في الحالة الأولى، يصف الإنجيل الخطّاءين كمديونين لا يستطيعون سداد ديونهم. ونعني هنا المديونية ألأخلاقية لا المديونية المادية، لله الحق الكامل في فرض واجباته على مخلوقاته. لكن عندما نفشل في الحفاظ على هذه الواجبات، نصبح مديونين لربنا، بحيث يمثل هذا الدين عجز عن الحفاظ للواجبات الأخلاقية.  
</p><p>والخيانة الكونية هي طريقة لوصف مفهوم الخطيئة، لأنه عندما ننظر في الطريقة التي يصف بها الكتاب المقدس الخطيئة، نرى ثلاثة أشياء تظهر بشكل جلي. الشي الأول، أن الخطيئة هي دين أو مغرم والثاني، هي مصطلح للعداوة؛  والشيء الثالث، هي  صورة لجرم أو عمل أحمق. في الحالة الأولى، يصف الإنجيل الخطّاءين كمديونين لا يستطيعون سداد ديونهم. ونعني هنا المديونية ألأخلاقية لا المديونية المادية، لله الحق الكامل في فرض واجباته على مخلوقاته. لكن عندما نفشل في الحفاظ على هذه الواجبات، نصبح مديونين لربنا، بحيث يمثل هذا الدين عجز عن الحفاظ للواجبات الأخلاقية.  
</p><p>و في الحالة الثانية التي يصف فيها الكتاب المقدس الخطيئة كعبارة أو مصطلح للعداء و الشر، فالخطيئة لا تقتصر فيها فقط على أنها عمل خارجي منتهك لقانون الله، بل تمثل دافع داخلي، يكون وراءه عداء متأصل أو فطري لرب الكون، فمن النادر أن نناقش في الكنيسة أو في العالم أن وصف الكتاب المقدس للانحطاط البشري يتضمن اتهاما بكوننا أعداء الله فطريا. لكن إبعادنا له من  تفكيرنا، يمثل عداوة تجاهه ، كما أنه تصرف رافض لحقيقة أن الله يحكمونا و علينا الانصياع لإرادته، وبسبب مفهوم العداء هذا فأن العهد الجديد يصف غالبا كفارة الخطايا )التكفير عن الخطايا( على أنها موازنة أو توفيق، و أحد الشروط الضرورية لتحقيق هذه الموازنة أو هذا التوافق هو حتمية وجود عداء سابق على الأقل بين طرفين. هذه العداوة يلزمها عمل فدائي من طرف وسيطنا الروحي، يسوع المسيح الذي يقهر هذا النوع من العداوة.
</p><p>و في الحالة الثانية التي يصف فيها الكتاب المقدس الخطيئة كعبارة أو مصطلح للعداء و الشر، فالخطيئة لا تقتصر فيها فقط على أنها عمل خارجي منتهك لقانون الله، بل تمثل دافع داخلي، يكون وراءه عداء متأصل أو فطري لرب الكون، فمن النادر أن نناقش في الكنيسة أو في العالم أن وصف الكتاب المقدس للانحطاط البشري يتضمن اتهاما بكوننا أعداء الله فطريا. لكن إبعادنا له من  تفكيرنا، يمثل عداوة تجاهه ، كما أنه تصرف رافض لحقيقة أن الله يحكمونا و علينا الانصياع لإرادته، وبسبب مفهوم العداء هذا فأن العهد الجديد يصف غالبا كفارة الخطايا )التكفير عن الخطايا( على أنها موازنة أو توفيق، و أحد الشروط الضرورية لتحقيق هذه الموازنة أو هذا التوافق هو حتمية وجود عداء سابق على الأقل بين طرفين. هذه العداوة يلزمها عمل فدائي من طرف وسيطنا الروحي، يسوع المسيح الذي يقهر هذا النوع من العداوة.
-
</p><p>وفي الطريقة الثالثة التي يتحدث فيها الكتاب المقدس عن الخطيئة كنوع من الانتهاك لناموس الله.  أجاب كتاب الكتاخيسموس الصغيرأو في السؤال الرابع عشر&nbsp;: "ما هي الخطيئة؟" بالإجابة التالية&nbsp;: " الخطيئة هي كل رغبة في عدم طاعة، أو خرق لناموس الله"، وهنا نرى وصفا للخطيئة من وجهتين، عصيان سلبي و عصيان إيجابي، ونعني هنا خطايا العَمْد و خطايا السهو أو الإهمال. لأنه عندما نفشل في القيام بواجباتنا تجاه الله، ونلاحظ هنا عجزا في الامتثال لإرادته، فإننا لا ۥنعد مذنبين لإخفاقنا في القيام بواجباتنا تجاه الله بل إننا نرتكب ما نهانا الله عن فعله، إذن  الخطيئة هي تعدي أو انتهاك لحق أو ناموس الله.
+
</p><p>وفي الطريقة الثالثة التي يتحدث فيها الكتاب المقدس عن الخطيئة كنوع من الانتهاك لناموس الله.  أجاب كتاب الكتاخيسموس الصغيرأو في السؤال الرابع عشر "ما هي الخطيئة؟" بالإجابة التالية " الخطيئة هي كل رغبة في عدم طاعة، أو خرق لناموس الله"، وهنا نرى وصفا للخطيئة من وجهتين، عصيان سلبي و عصيان إيجابي، ونعني هنا خطايا العَمْد و خطايا السهو أو الإهمال. لأنه عندما نفشل في القيام بواجباتنا تجاه الله، ونلاحظ هنا عجزا في الامتثال لإرادته، فإننا لا ۥنعد مذنبين لإخفاقنا في القيام بواجباتنا تجاه الله بل إننا نرتكب ما نهانا الله عن فعله، إذن  الخطيئة هي تعدي أو انتهاك لحق أو ناموس الله.
-
<p>&lt;p&gt;&lt;p&gt;عندما كان الناس ينتهكون قوانين البشر بشكل خطير، نحن نتحدث عن أعمالهم ليس باعتبارها جنح صغيرة؛ لكن باعتبارها جرم بشكل عام، فإن الله لا ينظر لأعمالنا من التمرد وخرق قوانينه بوصفها مجرد جنح، بل باعتبارها أفعال شريرة وخطيرة جدا، فهي جرائم في انعكاساتها، وإذا أخذنا حقيقة الخطيئة بشكل جدي في حياتنا اليومية، سوف نجد أننا نرتكب جرائم في حق الله وملكوته. جرائمنا هذه ليست فضائل، بل هي رذائل، وأي انتهاك لقدسه الله فهو فعل أثيم بالمعنى الصحيح للكلمة، و لا تكون كذلك حتى نفهم ماهية الله، هذا سيجعلنا نعي خطورة أفعالنا، لأننا نعيش في غمرة أناس مذنبون حيث تحدد فيه معايير السلوك البشري بنمط الثقافة التي نعيشها من حولنا، نحن نعتقد أننا نعيش في رغد المدينة الفاضلة، لكن عندما تتضح لنا صفات الله سوف نصبح قادرين على قياس أعمالنا ليس من ناحية القرابة المقرونة باحترام سائر البشر ولكن بشكل مطلق مقرون باحترام الله، وطبيعته الإلهية و ناموسه، وبذلك سنعي مدى خطورة تمردنا.
+
<p>&lt;p&gt;عندما كان الناس ينتهكون قوانين البشر بشكل خطير، نحن نتحدث عن أعمالهم ليس باعتبارها جنح صغيرة؛ لكن باعتبارها جرم بشكل عام، فإن الله لا ينظر لأعمالنا من التمرد وخرق قوانينه بوصفها مجرد جنح، بل باعتبارها أفعال شريرة وخطيرة جدا، فهي جرائم في انعكاساتها، وإذا أخذنا حقيقة الخطيئة بشكل جدي في حياتنا اليومية، سوف نجد أننا نرتكب جرائم في حق الله وملكوته. جرائمنا هذه ليست فضائل، بل هي رذائل، وأي انتهاك لقدسه الله فهو فعل أثيم بالمعنى الصحيح للكلمة، و لا تكون كذلك حتى نفهم ماهية الله، هذا سيجعلنا نعي خطورة أفعالنا، لأننا نعيش في غمرة أناس مذنبون حيث تحدد فيه معايير السلوك البشري بنمط الثقافة التي نعيشها من حولنا، نحن نعتقد أننا نعيش في رغد المدينة الفاضلة، لكن عندما تتضح لنا صفات الله سوف نصبح قادرين على قياس أعمالنا ليس من ناحية القرابة المقرونة باحترام سائر البشر ولكن بشكل مطلق مقرون باحترام الله، وطبيعته الإلهية و ناموسه، وبذلك سنعي مدى خطورة تمردنا.
-
</p>
+
 
-
</p>
+
إن لم نؤمن بالله بشكل جدي،  فإننا لن نترك الخطيئة أبدا. ولكن إن اعترفنا بشخصية الله الخيرة، فإننا سنصبح مثل قديسي العهد القديم، نكبح جماح أفواهنا بأيدينا ونندم في الغبار والرماد قبله.
-
<p>&lt;/p&gt;
+
-
</p>
+
-
&lt;/p&gt;<p>إن لم نؤمن بالله بشكل جدي،  فإننا لن نترك الخطيئة أبدا. ولكن إن اعترفنا بشخصية الله الخيرة، فإننا سنصبح مثل قديسي العهد القديم، نكبح جماح أفواهنا بأيدينا ونندم في الغبار والرماد قبله.
+
-
</p>
+

المراجعة الحالية بتاريخ ١٩:٠٤، ٣٠ أكتوبر ٢٠٠٩

مصادر ذات صلة
أكثر بواسطة R.C. Sproul
فهرس الكاتب
أكثر حول طبيعة الخطيئة
فهرس الموضوع
بخصوص هذه الترجمة
English: Cosmic Treason (May 2008)

© Ligonier Ministries

Share this
رسالتنا
هذه الترجمة نشرت من قبل كاسبول ترانسليشن, خدمة الكرازة على الانترنت وجدت لتقدم كتب و مقالات من صميم الكتاب المقدس مجاناً لكل بلد ولغة.

تعرف على المزيد (English).
كيف يمكنك مساعدتنا
اذا كنت تتكلم اللغة الانكليزية جيداً, تستطيع التطوع في عمل الترجمة معنا.

تعرف على المزيد (English).

بواسطة R.C. Sproul حول طبيعة الخطيئة
جزء من سلسلة Right Now Counts Forever س

ترجمة من قبل Elhoussaine Eljallali

Review يمكنك مساعدتنا من خلال مراجعة هذه الترجمة للتأكد من دقتها. تعرف على المزيد (English).


تبدو عبارة خطيئة الخطيئة " إطالة أو إسهاب فارغ لا يضفي شيئا للموضوع المراد مناقشته، و مع ذلك، فإن ضرورة التحدث عن خطيئة الخطيئة فرضته علينا العادات، وحتى الكنيسة التي قللت من أهمية الخطيئة نفسها.

وتطلق كلمة الخطيئة في مفهومها التداولي في عصرنا الحالي على حالة اقتراف الأخطاء أو الافتقار إلى إتخاد اختيارات سليمة، فمثلا، عندما أجتاز امتحان أو اختبار هجاء, في حالة ارتكبي لخطأ ما فذلك من شانه أن يجعلني أحصل على درجة متدنية. لذلك لا يسعني إلا أن ألجئ إلى اقتراف خطأ ما، كاستراق النظر لورقة امتحان زميلي ونسخ أجوبته لكي أحصل على علامة جيدة. في هذه الحالة، فخطئي تجاوز المستوى الأخلاقي. برغم كون هذه الخطيئة اشتركت مع الخطأ المقترف الناتج عن الكسل، و مع أن حالة الغش اقترفت بشكل خطير هنا. فإن وصف الخطيئة ب "الافتقار إلى إتخاد خيارات جيدة" يعد وصفا موفقا ، وهو أيضا تعبير لطيف يقلل من خطورة الفعل، فقرار ارتكاب الخطيئة يعد قرارا مفتقرا فعلا، وهو أيضا ليس مجرد زلة بسيطة، بل هو عمل تجاوز المستوى الذي تفرضه ألأخلاق.

في كتابي" حقيقة الصلب" خصصت فصلا كاملا لمناقشة مفهوم خطيئة الخطيئة. حيث استهلت هذا الفصل باستعمال منطق الشك المطلق لما تلقيت الطبعة الحديثة لكتاب اقتباسات بارتليت المألوفة. رغم سعادتي لتلقي النسخة المجانية، استغربت أن يرسلها لي غريب. وأنا أتصفح صفحة الاقتباسات التي تشمل تعابير للفلاسفة إمانويل كانط، وأرسطو، وتوما الاكويني ، وغيرهم ، زاد دهشتي أكثر وجود اقتباسات من كلامي استشهدت بها في أحد المُقْتَطَفَات التنويرية التي أعجبتني، فتسألت عن الشيء الذي قلته و الذي استحق إدراجه كمقتطفات أدبية في هذا الكتاب، فكان الجواب في عبارة مسندة إلي "الخطيئة هي خيانة كونية " وما قصدته من خلال هذه العبارة، هو أن أدنى خطيئة يرتكبها المخلوق ضد خالقه تمس قداسة الخالق، ومجده، و حقوقه. فكل خطيئة، رغم ضئالتها، هي تمرد ضد سيادة الله الذي يحكمنا و يسيطر علينا وعلى هذا النحو فهي خيانة ضد إله أو ملك الكون.

والخيانة الكونية هي طريقة لوصف مفهوم الخطيئة، لأنه عندما ننظر في الطريقة التي يصف بها الكتاب المقدس الخطيئة، نرى ثلاثة أشياء تظهر بشكل جلي. الشي الأول، أن الخطيئة هي دين أو مغرم والثاني، هي مصطلح للعداوة؛ والشيء الثالث، هي صورة لجرم أو عمل أحمق. في الحالة الأولى، يصف الإنجيل الخطّاءين كمديونين لا يستطيعون سداد ديونهم. ونعني هنا المديونية ألأخلاقية لا المديونية المادية، لله الحق الكامل في فرض واجباته على مخلوقاته. لكن عندما نفشل في الحفاظ على هذه الواجبات، نصبح مديونين لربنا، بحيث يمثل هذا الدين عجز عن الحفاظ للواجبات الأخلاقية.

و في الحالة الثانية التي يصف فيها الكتاب المقدس الخطيئة كعبارة أو مصطلح للعداء و الشر، فالخطيئة لا تقتصر فيها فقط على أنها عمل خارجي منتهك لقانون الله، بل تمثل دافع داخلي، يكون وراءه عداء متأصل أو فطري لرب الكون، فمن النادر أن نناقش في الكنيسة أو في العالم أن وصف الكتاب المقدس للانحطاط البشري يتضمن اتهاما بكوننا أعداء الله فطريا. لكن إبعادنا له من تفكيرنا، يمثل عداوة تجاهه ، كما أنه تصرف رافض لحقيقة أن الله يحكمونا و علينا الانصياع لإرادته، وبسبب مفهوم العداء هذا فأن العهد الجديد يصف غالبا كفارة الخطايا )التكفير عن الخطايا( على أنها موازنة أو توفيق، و أحد الشروط الضرورية لتحقيق هذه الموازنة أو هذا التوافق هو حتمية وجود عداء سابق على الأقل بين طرفين. هذه العداوة يلزمها عمل فدائي من طرف وسيطنا الروحي، يسوع المسيح الذي يقهر هذا النوع من العداوة.

وفي الطريقة الثالثة التي يتحدث فيها الكتاب المقدس عن الخطيئة كنوع من الانتهاك لناموس الله. أجاب كتاب الكتاخيسموس الصغيرأو في السؤال الرابع عشر "ما هي الخطيئة؟" بالإجابة التالية " الخطيئة هي كل رغبة في عدم طاعة، أو خرق لناموس الله"، وهنا نرى وصفا للخطيئة من وجهتين، عصيان سلبي و عصيان إيجابي، ونعني هنا خطايا العَمْد و خطايا السهو أو الإهمال. لأنه عندما نفشل في القيام بواجباتنا تجاه الله، ونلاحظ هنا عجزا في الامتثال لإرادته، فإننا لا ۥنعد مذنبين لإخفاقنا في القيام بواجباتنا تجاه الله بل إننا نرتكب ما نهانا الله عن فعله، إذن الخطيئة هي تعدي أو انتهاك لحق أو ناموس الله.

<p><p>عندما كان الناس ينتهكون قوانين البشر بشكل خطير، نحن نتحدث عن أعمالهم ليس باعتبارها جنح صغيرة؛ لكن باعتبارها جرم بشكل عام، فإن الله لا ينظر لأعمالنا من التمرد وخرق قوانينه بوصفها مجرد جنح، بل باعتبارها أفعال شريرة وخطيرة جدا، فهي جرائم في انعكاساتها، وإذا أخذنا حقيقة الخطيئة بشكل جدي في حياتنا اليومية، سوف نجد أننا نرتكب جرائم في حق الله وملكوته. جرائمنا هذه ليست فضائل، بل هي رذائل، وأي انتهاك لقدسه الله فهو فعل أثيم بالمعنى الصحيح للكلمة، و لا تكون كذلك حتى نفهم ماهية الله، هذا سيجعلنا نعي خطورة أفعالنا، لأننا نعيش في غمرة أناس مذنبون حيث تحدد فيه معايير السلوك البشري بنمط الثقافة التي نعيشها من حولنا، نحن نعتقد أننا نعيش في رغد المدينة الفاضلة، لكن عندما تتضح لنا صفات الله سوف نصبح قادرين على قياس أعمالنا ليس من ناحية القرابة المقرونة باحترام سائر البشر ولكن بشكل مطلق مقرون باحترام الله، وطبيعته الإلهية و ناموسه، وبذلك سنعي مدى خطورة تمردنا.

إن لم نؤمن بالله بشكل جدي، فإننا لن نترك الخطيئة أبدا. ولكن إن اعترفنا بشخصية الله الخيرة، فإننا سنصبح مثل قديسي العهد القديم، نكبح جماح أفواهنا بأيدينا ونندم في الغبار والرماد قبله.