كل الكتاب/الفصل الثّاني عشر: إخلص من خلال إيمانك

من Gospel Translations Arabic

اذهب إلى:الإبحار, البحث

مصادر ذات صلة
أكثر بواسطة Charles H. Spurgeon
فهرس الكاتب
أكثر حول الخلاص
فهرس الموضوع
بخصوص هذه الترجمة
English: Advice For Seekers/Saved Through Faith

© Chapel Library

Share this
رسالتنا
هذه الترجمة نشرت من قبل كاسبول ترانسليشن, خدمة الكرازة على الانترنت وجدت لتقدم كتب و مقالات من صميم الكتاب المقدس مجاناً لكل بلد ولغة.

تعرف على المزيد (English).
كيف يمكنك مساعدتنا
اذا كنت تتكلم اللغة الانكليزية جيداً, تستطيع التطوع في عمل الترجمة معنا.

تعرف على المزيد (English).

بواسطة Charles H. Spurgeon حول الخلاص
فصل # ن من كتاب # ب

ترجمة من قبل Walid Bitar

Review يمكنك مساعدتنا من خلال مراجعة هذه الترجمة للتأكد من دقتها. تعرف على المزيد (English).


لطالما كانت طريق الخلاص هي نفسها. ما من أحد قدر أن يخلّص نفسه من خلال أعماله الصّالحة. الطّريقة التي يعيش بها الرّجل المستقيم لطالما كانت طريق الإيمان. ولم يكن هناك أيّ تغيير بسيط على هذه الحقيقة؛ إنّها موجودة وثابتة، هي دائماً نفسها، مثل الله الذي نطق بها. في كل الأوقات، وفي كل مكان، الإنجيل هو نفسه وسيبقى كما إلى الأبد. لن يتغيّر. "يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد" (عب8:13). إنّ ما نقبله هو إنجيل واحد؛ لا إثنان ولا ثلاثة. السماء والأرض تزولان، لكنّ كلام يسوع لا يزول.

من الواضح أيضاً ليس فقط أنّ هذه الحقيقة يجب أن تستمر من دون أن تتغيّر، ولكن يجب أن تمتلك أيضاً بعض الحيوية. إنّ هذه العبارة،" الشخص المستقيم عليه أن يعيش في ظلّ كابوس إيمانه"، تخلق هذا التحسين. بعيداً عن هذا، ومع فتح أحد أختام سفر الرّؤيا، ظهرت كلّ أصوات القيثارات، والتّرانيم، تشبه صوت مياه كثيرة. هذه البذرة، المنسية والمتروكة بعيداً في العصور الوسطى المظلمة، ظهرت، وسقطت داخل قلب الإنسان، وتركت لينميها روح الله حتّى تأتي بثمار كثيرة. إنّ أيّ جزء ولو صغيراً جداً من الحقيقة، وإن رمي في أي مكان، سيحيا! بعض النباتات تتميّز بكونها مليئة بالحيوية، حتّى لو أخذت جزءاً صغيراً من اوراقه ووضعته في الأرض، ستكون الورقة قادرة أن تتجذّر وتنمو. لذا من المستحيل أن ينقرض هذا النّوع من النّباتات؛ وهذه هي الحالة مع حقيقة الله – إنّها حيّة وغير قابلة للفساد، كما لا يمكن أن تحطّم. طالما أنّ كتاباً مقدّساً واحداً قد بقي، ستبقى ديانة النّعمة المجّانيّة؛ إذ في الحقيقة، ولو استطاعوا أن يحرقوا كلّ الكتب المقدّسة المطبوعة، طالما أنّ هناك طفل يتذكّر نصّاً وحيداً من الكلمة، فإنّ الحقيقة سترتفع ثانية. وحتى لو كانت النّار ما زالت في رماد الحقيقة، عندما ينفخ السيّد المسيح نفساً فيها، تشتعل ثانية بلهبٍ مجيد.

لقد أخبرنا العهد القديم عن ابراهيم قائلاً "فآمن بالرّب فحسبه له برّاً" (تكوين 6:15). هذه هي الخطّة للتّبرير. يكمن الإيمان المسيحي في استقامة وصلاح الله، فمع قبول خطة الله لخلاص الخاطئ وتبريره من خلال ذبيحة السيد المسيح، ويصبح الخاطئ باراً. يقبل الإيمان ويخصّص لذاته كامل البرّ الإلهي الذي يتجلّى في شخص وعمل السيّد المسيح. ويسرّ برؤية الله آتياً إلى عالمنا بطبيعتنا، هذه الطّبيعة التي تخضع للنّاموس بكلّ عناوينه وبكلّ ذرّة فيه، لكن مع ذلك هو لم يكن تحت النّاموس إلاّ حين اختار طوعاً أن يضع نفسه تحته لمصلحتنا؛ ويسرّ الإيمان أكثر حين يرى السيّد المسيح، الذي جاء تحت النّاموس، يقدّم نفسه كفّارة ويجعل نفسه تبريراً كاملاً للعدالة الإلهيّة من خلال آلامه وموته.

يعتمد الإيمان على شخص المسيح وحياته وموته، إذ أنّ برّ المسيح هو أمله الوحيد. وهو يصرخ " تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا". إنّ من يؤمن بطريقة الله في جعل تبرير البشر من خلال استقامة وبرّ يسوع المسيح، والذي يقبل يسوع المسيح ويستند عليه هو شخص بار. فالبار، بنظر الله نفسه، هو من يعتمد ويثق بعمل الكفّارة. ويحسب له إيمانه برّاً، إذ قد أدرك برّ الله من خلال ابنه، يسوع المسيح. "وبهذا يتبرّر كلّ من يؤمن من كلّ ما لم تقدروا أن تتبرّروا منه بناموس موسى" (أعمال الرّسل 39:13). هذه هي شهادة كلمة الوحي، ومن سينكرها؟ لكنّ المؤمن هو أيضاً بار من جهة أخرى، من جهة يقدّرها العالم الخارجي أكثر، لكن ليس كما يقدّر الخالق. إنّ من يؤمن بالله يصبح من خلال إيمانه قادراً أن يتّجه نحو كلّ شيء جيّد وصحيح وصادق؛ فإيمانه بالله يصحّح له آراءه ويجعله باراً. في حكمه، ورغباته، وتطلّعاته، وقلبه، هو دائماً بار. لقد غفرت له خطاياه مجاناً، وهو الآن في وقت التّجربة، يقف صارخاً "كيف أصنع هذا الشّر العظيم وأخطئ إلى الله". هو يؤمن بفعاليّة الدّم ولا يختار أن يدنّس نفسه ثانية.

إنّ محبّة يسوع تجبره أن يبحث عن كل ما هو صالح وشريف بنظر الله. فهو يجاهد للعيش كابن لله، بعد أن نال بالإيمان امتياز التّبني. وهو يسير في جدّة الحياة، بعد أن حصل بالإيمان على حياة جديدة. "إنّ مبادئ الله الخالدة تمنع ابن الله من ارتكاب الخطيّة." إن عاش شخص ما في الخطيّة وقبل بذلك، إذاً هو لا يملك الإيمان؛ فالإيمان الحقيقي ينقّي الروح. إنّ إيماننا الذي هو عمل الرّوح القدس، هو أعظم قاتل للخطايا تحت السماء. فبنعمة الله، هو يؤثّر على عمق القلب، ويغيّر الرّغبات والعواطف، ويجعل من الإنسان خليقة جديدة في المسيح يسوع. إن كان هناك على وجه الأرض إنسان من الممكن أن يقال عنه بالحقّ أنّه بار، فهو من يملك الإيمان بالله من خلال سيّدنا يسوع المسيح. في الحقيقة، لا يوجد هناك "أبرار" إلاّ أولئك الّذين أعطاهم الرّوح القدس هذه الصّفة، وهؤلاء يعيشون بالإيمان. فالإيمان هو الثّقة بالله، وبالتّالي محبّته وإطاعته، والنّمو به. إنّه أساس القداسة، وينبوع الحقّ، وحياة البر.

الله هو حق بحيث لا مجال للشّك في عدالته: ومن يحسب أنّ الله غير عادل فهو ليس ببار. فيجب على البار أولاً أن يكون باراً مع الخالق. إذ من التّفاهة أن يكون الإنسان باراً أمام المخلوقات الأخرى، في الوقت الذي هو ليس كذلك أمام الله. ففي الحقيقة، هو غير جدير بأن يُنسَب إليه البرّ. والإيمان به هو ما يستحقّ الله أن يحصل عليه من قبل مخلوقاته: فمن حقّه أن نؤمن بما يقوله، وبكل ما هو مكتوب بالإنجيل. حين تظهر بوضوح محبّة الله العظيمة في يسوع المسيح، سيؤمن بها أنقياء القلوب. وإن كانت محبّة المسيح بموته عنّا مفهومة جداً، فحينها يجب أن يؤمن بها كل ذهن صادق. إنّ الشّك بشهادة الله المتعلّقة بابنه هو عمل مظلم ينتقص من حبّ الله اللا متناهي. إنّ من لا يؤمن فقد رفض شهادة الله عن عطيّته التي لا توصف، كما قد رفض من يستحق الامتنان الكبير، إذ هو وحده يمكنه أن يرضي عدالة الله ويعطي ضمير الإنسان السّلام. على البار الحقيقي، يكون باراً بالتّمام، أن يؤمن بالله وبكل ما يعلنه الله. يحلم البعض بأنّ مسألة العدالة تتعلّق بالحياة الخارجية فقط، ولا تمسّ إعتقادات البشر. لكنّي أقول أنّ الأمر ليس كذلك؛ فالإستقامة تتعلّق بحياة المرء الباطنيّة، وبطبيعته الإنسانيّة العميقة؛ والإنسان البار هو من يرغب بأن يكون نظيفاً حتّى في أموره السّرية وحكيماً في أموره الخفيّة. أليس هذا هو الحال؟ نسمع مراراً وتكراراً أنّ الفهم والإيمان يشكّلان دائرة معفيّة من سلطان الله. هل عليّ بالحقيقة أن أؤمن؟ لا يوجد هناك أيّ جزء من طبيعتنا البشريّة بعيداً عن القوانين الإلهيّة. إنّ قدرتنا الكاملة كبشرٍ هي تحت سيادة من خلقنا، ونحن مصمّمون على الإيمان بشكل صحيح؛ في الحقيقة، أعمالنا وأفكارنا تتشابكان بحيث من المستحيل أن يُفصَل واحد عن الآخر. إن قلنا أنّ استقامتنا في الحياة الخارجية تكفينا، فهذا يناقض تماماً فحوى كلام الله. إذ عليّ أن أخدم الله من كلّ فكري كما من كلّ قلبي. وعليّ أن أؤمن بكل ما يكشفه الله لنا كما أؤمن بكل ما يأمر به.

'البار بالإيمان يحيا'. تعلو هذه الجملة الباب الضيّق الذي يقف عند رأس الطّريق – الطّريق الضّيّق الذي يؤدّي إلى الحياة الأبديّة. إنّ أفضل النّاس في العالم هم من يعيشون بالإيمان؛ إذ ليس هناك طريقة أخرى للعيش في البر في نظر الله. لا يمكننا أن نحيا باستقامة من تلقاء ذاتنا. إن كنّا سنثق بأنفسنا، أو بأيّ شيء يأتي منّا، فنحن لم نتعلّم شيئاً من حياة يسوع التي نعرفها من خلال الأسفار المقدّسة. يجب أن تتخلّى عن كل ثقة تملكها بنفسك أو تأمل بامتلاكها. أنت يجب أن تمزّق عنك كلّ هذا الكساء الجذامي من الاستقامة الذّاتيّة، وأن تتخلّى عن جزء منك بأي شكل. إنّ الإعتماد على الذات لفهم الأمور الدّينيّة هو بمثابة تدمير للنّفس؛ فعليك أن تعتمد على الله الذي كشف عن نفسه من خلال ابنه يسوع المسيح.

"البّار بالإيمان يحيا"؛ أمّا أولئك الذين يتّكلون على أعمال النّاموس هم تحت اللّعنة، ولا يمكنهم أن يحيوا أمام الله. وهذا صحيح بالنّسبة إلى الذّين يحاولون العيش بحسب المشاعر والأحاسيس. هم يحكمون على الله وفقاً لما يرونه: فإن كان سخيّاً عليهم بعنايته الإلهيّة، فهو إله جيّد؛ لكنّهم إن كانوا فقراء، فهم لا يملكون شيئاً جيّداً ليقولوه عنه، فهم يقيسون كلّ شيء بحسب ما يشعرون به، وما يرونه. إذا كان الله يعمل تدريجياً على هدف، وإن تمكّنوا من أن يروا غرضه، فهم حينها يمدحون حكمته؛ لكنّهم إذا لم يستطيعوا رؤية الغرض، أو فهم الطّريقة التي يعمل فيها الله، فهم فوراً يحكمون بأنّه إله غير حكيم. إنّ العيش وفقاً لما نحسّ أو نشعر به ينتهي بأن يصبح نمط الحياة خالياً من المشاعر، لا بل يجلب الموت إلى كلّ أشكال الرّاحة والأمل.

كثيرون يقولون " أنا دليل نفسي، وأصنع مبادئي بمفردي، أشكّلهم طبقاً لرغباتي وإرادتي الخاصّة"، لكنّ هذا الفكر ينم عن موت روحي. أن تكون متمشياً مع الوقت هو أن تكون عدواً لله. لأنّ طريق الحياة هي الطّريق التي تؤمن خلالها بما يعلّمه الله لك، خصوصاً أن تؤمن به، هو الذي جعل نفسه فدية عن خطاياك؛ جاعلاً الله بالتّالي كل ما في حياتك، ونفسك كلا شيء. إنّ راحتنا على كلمة الله الموحى بها وثقتنا بالمخلّص القدير، يمنحنا السّلام والرّاحة؛ أمّا من جهة المبدأ المتقلّب فنحن نصبح نجوماً تائهة، محفوظ لها قتام الظّلام إلى الأبد. بالإيمان، يمكن أن تحيا الرّوح؛ أمّا في كلّ الطرق الأخرى فحياتنا تكون شكليّة لا مضمون لها.

غالباً ما نصادف أديان غريبة ووهميّة فيها يثق النّاس بحماس، ويثقون بالأحلام، والضّوضاء والأمور الخفيّة الغامضة التي يتخيّلون أنّهم رأوها: لكنّ هذا كلّه هراء وكلام فارغ، ومع ذلك فهم يتقيّدون بها تماماً. أصلّي أنّ تبطل هذه الأمور التّافهة، إذ ليس فيها أيّ غذاء للروح. إنّ حياتي لا تكمن بما أعتقد، أو أحبّ وأرغب، أو ما أتخيّله، أو ما أستمتع به، لكن فقط فيما يدركه إيماننا على أنّه كلمة الله. نعيش أمام الله واثقين بوعده، معتمدين على شخصه، قابلين ذبيحته، متقلّدين بالحق، ومسلّمين أنفسنا إلى الله الآب، وابنه والرّوح القدس. إنّ ثقتنا المطلقة بيسوع ربّنا هي طريق الحياة، بينما تؤدّي كلّ الطّرق الأخرى إلى الموت. دع أولئك الذين يشكّكون في رسالة الإنجيل. إنّ هذه الرّسالة أمر واقع.

هنالك الكثير من الأمور التي نستطيع أن نفهمها من القول أنّ " البّار بالإيمان يحيا". فهو لا يقول أيّ جزء من حياته يعتمد على هذا الإعتقاد، ولا يقول إنّ أيّة مرحلة من حياته تثبت إيمانه بشكل أفضل: إذ يبدأ الأمر بالفهم، فالإستمرار، فالنّمو، فإتقان الحياة الروحية وهذه جميعها بالإيمان. في اللّحظة التي يؤمن بها الشّخص، يبدأ بالعيش على مرأى من الله: وهو الآن يثق بإلهه. هو يقبل وحي الله عن نفسه، يأتمنه على أسراره، يستريح ويستند إلى منقذه، ويصبح حينها رجلاً حيّاً روحياً، يعتني بالحياة الروحية. وكلّ وجوده قبل إيمانه هذا كان شكلاً من أشكال الموت: لكنّه حين وثق بالله، دخل الحياة الأبديّة، وولد من فوق. نعم، لكن ليس هذا هو كلّ شيء، ولا حتّى النّصف؛ لأنّه لو كان على ذلك الشّخص أن يستمرّ بالعيش أمام الله، وأن يقاد في طريق القداسة، فإنّ مثابرته تأتي نتيجة لإيمان مستمر. إنّه الإيمان الذي يخلّص ليس فعل يوم واحد وينتهي في يوم آخر: بل هو عمل مستمر وباق طيلة أيّام حياة ذلك الإنسان. البّار لا يحيا بالإيمان فقط ببداية إيمانه، بل يستمر في عيشه بإيمان: لا يبدأ بالرّوح وينتهي بطبيعته البشريّة، ولا يذهب بعيداً بالنّعمة ويكمل طريقه بأعمال النّاموس. في سفر العبرانيين، يقول الكتاب "أمّا البّار فبالإيمان يحيا وإن ارتدّ لا تسرّ به نفسي. أمّا نحن فلسنا من الارتداد للهلاك بل من الإيمان لاقتناء النّفس." (عبرانيين 38:10-39). الإيمان أمر مهمّ دائماً، في كلّ يوم وطوال اليوم، وفي كلّ الأمور. تبدأ حياتنا الطّبيعيّة بأخذ نفسٍ، وتستمر بالتّنفس: وكما هو النّفس للجسد، هكذا الإيمان للرّوح.