كل الكتاب/الفصل الثّاني: محتقرون يبحثون عن يسوع

من Gospel Translations Arabic

اذهب إلى:الإبحار, البحث

مصادر ذات صلة
أكثر بواسطة Charles H. Spurgeon
فهرس الكاتب
أكثر حول الخلاص
فهرس الموضوع
بخصوص هذه الترجمة
English: Advice For Seekers/Despised Ones Seeking Jesus

© Chapel Library

Share this
رسالتنا
هذه الترجمة نشرت من قبل كاسبول ترانسليشن, خدمة الكرازة على الانترنت وجدت لتقدم كتب و مقالات من صميم الكتاب المقدس مجاناً لكل بلد ولغة.

تعرف على المزيد (English).
كيف يمكنك مساعدتنا
اذا كنت تتكلم اللغة الانكليزية جيداً, تستطيع التطوع في عمل الترجمة معنا.

تعرف على المزيد (English).

بواسطة Charles H. Spurgeon حول الخلاص
فصل # ن من كتاب # ب

ترجمة من قبل Walid Bitar

Review يمكنك مساعدتنا من خلال مراجعة هذه الترجمة للتأكد من دقتها. تعرف على المزيد (English).


وكان جميع العشّارين والخطاة يدنون منه ليسمعوه. لوقا 1:15.

لقد شكّلت الأصناف المنبوذة والأكثر إحتقاراً في المجتمع حلقات من السامعين يلتفّون حول ربّنا. وأستطيع أن أفهم من هذا بأنّ إلهنا كان شخصاً مقبولاً جداً، إذ رحّب بثقة الناس وكان يرغب بأنّ يتجاوب الجنس البشري معه.

لقد فضّل الملوك الشرقيّون أن يكونوا بعزلة عظيمة، وكانوا يحيطون أنفسهم بنوعٍ من الحواجز المتعذّرة الاجتياز. وقد كان من الصّعب جداً حتّى لأكثر رعاياهم موالاة، أن يقتربوا منهم. ولعلّك تذكر حالة أستير، التّي بالرغم من كونها زوجة الملك، كادت أن تخاطر بحياتها عندما تقدّمت لتقابل الملك أحشويرش، لوجود أمر صادر عنه يمنع دخول أيّ أحد أمامه ما لم يكن مدعوّاً للدّخول، تحت خطر فقدان حياتهم. إنّما ليست هذه هي الحالة مع ملك الملوك. فقصره أكثر روعة؛ وشخصه أكثر تبجيلاً؛ لكنّك تستطيع أن تقترب إليه في كلّ الأوقات من دون عوائق. وهو لم يضع رجالاً مسلّحين على مدخل بابه. فباب بيت رحمته رحبٌ ومفتوحٌ دائماً. وعلى عتبة بوّابة القصر مكتوبٌ "اسألوا تعطوا. اطلبوا تجدوا. اقرعوا يُفتَح لكم." متّى 7:7.

وحتّى في أيامنا، لا يستطاع الاقتراب من العظماء بسهولة. فهنالك العديد من الدرجات الخلفية التي عليك تسلّقها قبل الوصول إلى الشخص المسؤول الذي يمكنه المساعدة، وهناك العديد من الخدم الذين عليك تجاوزهم، ممّا يجعل ذلك صعباً جداً لإنجاز هدفك. قد يكون الرجال الجيّدون أنفسهم لطفاء بما فيه الكفاية، لكنّهم يذكّروننا بالخرافة الروسية القديمة التي تتحدّث عن رب منزلٍ مضيافٍ في إحدى القرى، أراد أن يساعد كلّ الفقراء الذي يأتون إلى بابه، لكنّه أبقى العديد من الكلاب الكبيرة داخل ساحة منزله بحيث أنّ أحداً لم يكن قادراً على الوصول إلى العتبة، ولذا لم تكن لطافته الشخصية تفيد أحداً. ليست هذه هي الحالة مع سيّدنا. مع أنّ يسوع المسيح هو أعظم العظماء، وأسمى من الجميع، لكنّه سرّ بأن يزيل خارج الطّريق كلّ عائق قد يمنع الخاطئ من الدّخول إلى أمجاد السّماء وترفها. فلم نسمع من شفاهه أي تهديدات ضدّ هذا الدّخول، بل مئات الدعوات للدخول إلى الألفة الغالية مع الله. يسوع قريب ليس بين الحين والآخر، بل في جميع الأوقات، وليس لبعض المفضّلين لديه، بل لكلّ الذين أوقد الرّوح القدس في قلوبهم الرغبة بالدخول إلى حضرته.

لقد كان لمعلمي الفلسفة في أيّام سيّدنا المسيح ميلٌ كبير إلى العزلة. واعتبروا تعاليمهم عميقة جداً بحيث ما كانت تعلن للشّعب. ولقد كان شعارهم الهازئ: "أنت بعيد، إذن أنت نجس". وكانوا يقفون على نصبٍ شّامخٍ من غرورهم الوهمي، وكانوا من حينٍ إلى آخر يلتفتون التفاتة عابرة على الحشود العامة تحتهم، لكنّهم لم يتنازلوا للكلام معهم بطريقة حميمة، معتبرين أنّ تواصلهم مع عامة الشّعب هو أمر مشين بالنسبة لفلسفتهم. ولقد كتب أحد الفلاسفة العظماء على بابه، "يمنع دخول أيّ شخصٍ يجهل علم الهندسة." لكنّ ربّنا، الذي يعدّ أحمقاً كل من يقارن به – هو في الحقيقة، حكمة الله – فهو لم يبعد أبداً أيّ خاطئٍ بسبب جهله، ولم يرفض أيّ باحثٍ لأنه لم يبدأ بعد بأخذ الخطوات الأولى في سلّم العلم، ولم يسمح لأيّ روح عطشى أن تطرد بعيداً عن ينبوع الحقيقة السامية. فكلّ كلمة ينطق بها هي ماسةٌ، وشفاهه تقطر لآلئ، وهو لم يكن يشعر أنّه في بيته إلاّ عندما كان يتكلّم مع عامة الشعب، معلّماً إيّاهم عن ملكوت الله.

فإنّ ربّنا يسوع هو الوسيط بين الله والإنسان. ومن الطّبيعي أن يكون من السّهل الوصول إلى مكتب الوسيط. كما أنّ أي وسيط ليس لطرف واحد – بل يجب أن يكون قريباً من كلا الطرفين الذي هو يتوسّطهما. وإذا كان يسوع المسيح وسيطاً مثالياً بين الله والإنسان، فهو قادر على الاقتراب جداً من الله لكي يدعوه الله مماثلاً له، كما يجب أن يقترب كثيراً من الإنسان حتّى لا يخجل هذا الأخير من أن يدعو يسوع أخاه. هذه هي بالضبط الحالة مع ربّنا.

فكّر بشأن هذا، أنت الذي تهاب يسوع المسيح. يسوع هو الوسيط، وكوسيط باستطاعتك المجيء إليه. لقد امتدّ سلّم يعقوب من الأرض إلى السماء، لكن إذا قطعت بعض الدرجات السفلية، فماذا يفيد وجود السلّم؟ ومن يقدر أن يتسلّقه؟ إنّ يسوع المسيح هو الرّابط العظيم بين الأرض والسماء، لكن إن لم يمسّ الرجل الهالك المسكين الذي يجيء إليه، فما نفعه إذاً لبني البشر؟ أنتم تحتاجون إلى وسيط بينكم وبين السيد المسيح. هنالك مؤهلات ضرورية للمجيء إلى الله – فلا يمكنك أن تأتي إلى الله بدون أيّ مؤهلات، وبدون أيّ صلاح، لأنه كوسيطٍ لديه كل الصّلاح واللياقة التي تطلبها، وهو مستعدّ لمنحها إيّاك. يمكنك الآن أن تأتي بجرأة إليه الآن؛ فهو ينتظر لمصالحتك مع الله بدمه.

واحدة من وظائف السيد المسيح الأخرى هي وظيفة الكاهن. إنّ كلمة "كاهن" أصبحت تسعمل بشكلٍ سيئ جداً في الوقت الحاضر؛ لكنّها كانت كلمة حلوّة جداً كما نرى في الكتاب المقدس. فكلمة كاهن لا تعني مجرّد مدّعٍ يلبس لباساً مبهرجاً، يقف بعيداً عن بقيّة المصلّين الآخرين، وأعلى بدرجتين عن بقيّة النّاس، ويزعم أنّ لديه القدرة على مغفرة خطايا الجنس البشري. لقد كان الكاهن الحقيقيّ فعلاً أخاً لجميع النّاس. فلم يكن هنالك أحد من بني إسرائيل قريباُ من الشّعب كهارون. ففي الحقيقة، كان هارون والكهنة الذين خلفوه في مقدّمة من يتّصل بالنّاس، نيابة عن الله، وعندما كان يصاب شخص بالبرص، يصبح قذراً جداً لا يقترب منه أحد، والكاهن مخوّلاً بلمسه. قد يكون البيت معرّضاً للبرص، لكنّ الكاهن يدخله؛ وقد يكون الشّخص أبرص، لكنّ الكاهن يكلّمه ويفحصه؛ وإذا عولج بعدها الرّجل المريض، فالكاهن هو أوّل من يلمسه. "اذهب وأر نفسك للكاهن"، هذه كانت الوصيّة لكلّ أبرصٍ متعافٍ، وحتّى يراه الكاهن ويبقى بصحبته ليعطيه شهادة صحيّة، لا يمكنه أن يُستقبل داخل المحلّة اليهوديّة.

لقد كان الكاهن الأخّ الحقيقي للناس، مختاراً من بينهم، وقريباً منهم في جميع الأوقات؛ ساكناً بينهم، وفي وسطهم، وجاهزاً ليشفع بالأشرار والحزانى. بالطّبع أنك لن تشكّ أبداً بأنه لو اضطّلع يسوع بدور الكاهن، وهذا ما فعله حقّاً، فهو الأكثر قبولاً واقتراباً من كل الكائنات: قريب من الخاطئ المسكين، الذي استسلم لليأس، والذي لا يخلص إلاّ بذبيحة؛ وقريب من الزانية التي أخرجوها خارج الهيكل، والتي لا تطهر إلاً بالدّم؛ وقريب من اللّص البائس الذي عليه أن يعاني من عقاب جرائمه، والذي لا يبرّئه منها إلاّ الكاهن الأعلى. لا يوجد أيّ شخص قد يهتمّ بعاقة ولو عابرة معك، لكن السيد المسيح يفعل. قد تكون مفصولاً عن كلّ البشر بشرّك، لكنّك لم تُفصَل عن صديق الخطاة العظيم الذي يرغب في هذا الوقت بأن كل الخطاة والمذنبين يقتربون إليه.

وكوظيفة ثالثة، دعني أذكر بأنّ ربّنا يسوع المسيح هو مخلّصنا؛ لكنّني لا أرى كيف يمكن أن يكون مخلّصاً ما لم يكن قريباً من الّذين هم بحاجة للخلاص. لقد مرّ الكاهن والّلاوي على الجانب الآخر عندما كان الرّجل النّازف الذي وقع بين أيدي اللّصوص ممدّداً على طّريق أريحا؛ هما لم ينقذاه، ولا يقدران على ذلك؛ لكنّ المنقذ كان من جاء إليه، وانحنى فوقه، وضمّد جراحاته وصبّ عليها زيتاً وخمراً، وأركبه بلطفٍ وحبٍ على دابّته، وأخذه إلى فندقٍ، واعتنى به. لقد كان هو المنقذ الحقيقي. أيّها الخاطئ، سيأتي يسوع المسيح إليك حيثما كنت، وبالرّغم من كثرة فسادك وخطاياك وجروحك، فهي لن تبعده عنك. إنّ حبّه سيتغلّب على خطاياك وشرورك المقرفة، إذ أنّه قادر وراغب بأن يمنح خلاصه لمن مثلك. باستطاعتي ذكر العديد والعديد من وظائف السيّد المسيح، لكنّ هذه الثلاثة كافية. إنّ الرّوح القدس سيبارك هذه الأدوار، ستجد أنّه من السّهل الوصول إلى يسوع.