كل الكتاب/الفصل السّادس: الدّعوة

من Gospel Translations Arabic

اذهب إلى:الإبحار, البحث

مصادر ذات صلة
أكثر بواسطة Charles H. Spurgeon
فهرس الكاتب
أكثر حول الخلاص
فهرس الموضوع
بخصوص هذه الترجمة
English: Advice For Seekers/The Invitation

© Chapel Library

Share this
رسالتنا
هذه الترجمة نشرت من قبل كاسبول ترانسليشن, خدمة الكرازة على الانترنت وجدت لتقدم كتب و مقالات من صميم الكتاب المقدس مجاناً لكل بلد ولغة.

تعرف على المزيد (English).
كيف يمكنك مساعدتنا
اذا كنت تتكلم اللغة الانكليزية جيداً, تستطيع التطوع في عمل الترجمة معنا.

تعرف على المزيد (English).

بواسطة Charles H. Spurgeon حول الخلاص
فصل # ن من كتاب # ب

ترجمة من قبل Walid Bitar

Review يمكنك مساعدتنا من خلال مراجعة هذه الترجمة للتأكد من دقتها. تعرف على المزيد (English).



هل ترغب في الحياة الأبديّة؟ وهل هناك داخل روحك عطش وجوع لأمور ترضي روحك وتحييك إلى الأبد؟ إذاً "تعالوا لأنّ كلّ شيءٍ قد أُعدّ" (لوقا 17:14) – ليس بعض الأشياء، بل كل شيء. لا يوجد شيء تحتاجه بين الأرض والسّماء ولم يعطك الله إيّأه بالمسيح يسوع، في شخصه وفي أعماله. كلّ الأشياء معدّة: حياة مقابل موتك، مغفرة لذنوبك، تطهير لقذارتك، لباس لعريك، بهجة لحزنك، قوّة لضعفك، بل في الحقيقة، أكثر ممّا قد تريد إطلاقاً مذخّر لك في طبيعة وعمل المسيح غير المحدودين. وليس عليك أن تقول، "لا يمكنني أن آتي لأنّني لا أملك هذا أو ذاك." هل عليك أن تهيئ المأدبة؟ هل عليك أن تقدّم أيّ شيء؟ هل عليك أن تجلب الماء أو الملح؟ أنت لا تعرف ما هي حالتك الحقيقيّة، أو أنّك لا تحلم بشيء كهذا. فلقد اهتّم ربّ البيت بالعشاء بكامله؛ وليس عليك أن تؤمّن شيئاً بل عليك فقط أن تستمع بما هو مؤمّن. وإذا احتجت إلى شيء، فتعال وخذ ما تفتقر إليه؛ وكلّما مسّت حاجاتك، كان لديك السّبب الأقوى للمجيء حيث كلّ الأشياء التي تحتاجها ستؤمّن لك حالاً. إذا كنت بحاجة ملحّة ولا تملك شيئاً جيّداً، فكلّ الأشياء مهيّأة لك. عندما قدّم الله كلّ شيء، ما الّذي يبقى لتقدّمه؟ إذ ستكون بمثابة إهانة أن تفكّر بإضافة بعض الأمور على ما سبق الله أن أعدّه؛ وسيكون تحدّياً وقحاً للملك العظيم، وهذا ما ن يتحمّله الملك. كلّ ما تفتقر وأنت بين أبواب الجحيم، وأبواب السّماء، حيث ستأخذك النّعمة إن آمنت – الكلّ معدّ لك ومعطى بالمسيح يسوع المخلّص.

كلّ شيء معدّ. تمعّن في هذه الكلمة. الثيران والمسمّنات قد ذبحت؛ بل أكثر، لقد هُيّئَت لتؤكل، وتُتناول بشهيّة. يكون الأمر فعلاً مهمّاً حين يعطي الملك أوامره بقتل عدد كبير من العجول للوليمة، لكنّ المأدبة غير معدّة؛ وحتّى حين توضع الذّبائح تحت الفأس، وتهيّأ للنّار، ستكون بمثابة خطوة كبيرة للأمام، لكن هذا لا يعني أن المأدبة قد أعدّت. الحقيقة هي أنّ الوليمة تعدّ تماماً حين يقدّم اللحم مشويّاً وساخناً على الموائد، وكلّ شيء آخر تحتاجه أو تريده يوضع أمامك بترتيب لتتناوله، حينها يكون كلّ شيء معدّاًجاهز؛ هذه هي الحالة الآن. في هذه اللحظة بالذات ستجد أنّ الوليمة في أفضل حالاتها؛ ولم تكن ولن تكون أفضل ممّا هي عليه الآن. كلّ شيء معدّ بالطّريقة التي تريدها والحالة المناسبة لمتعة روحك وراحتها. كلّ الأشياء جاهزة الآن؛ ولا داعي لأن يضاف أيّ شيء على ما سبق أن أعد، كلّ شيء كامل بقدر كمال الحب الأبدي.

لكن لاحظ كلمة "الآن". "كلّ الأشياء هي الآن معدّة" – فقط الآن، في هذه اللّحظة. في الولائم، أنت تعرف، غالباً ما تتذمّر ربّات البيوت من ضيوفها إذا ما تأخّروا بالحضور. هي ستتأسّف إن أتوا أبكر من الموعد بنصف ساعة، لكنّ إن أتوا متأخّرين بنصف ساعة، ستنزعج كونها قد أعدّت كلّ شيء وضّيوفها تأخّروا. لأنّها لو تركت الطّعام في الفرن لفترة قصيرة، فهو لن يهيّأ أبداً بل بالأحرى سيفسد. لذا فإنّ ربّة المنزل مطمئنّة بأنّ كلّ شيء معدّ، فتعال حالاً.

الله لم يقل لك أنّه إن انتظرت لسبع سنوات أخرى ستكون كلّ الأشياء معدّة وجاهزة لك. فإنّ هبة الله منحت منذ فترة طّويلة من الوقت، قبل وقت طويل من اقتناعك بالمشاركة في الوليمة، لكنّه يقول لك أنّ كلّ شيء معدّ الأن، وفقط الآن. الآن حين أصبح قلبك قاسياً وفكرك مهمِلاً وروحك تائهة – كلّ الأشياء أصبحت معدّة.

عندما تكون كلّ الأشياء معدّة، من التّفاهة أن يقول الخاطئ عن نفسه "أنا غير مستعدّ". من الواضح أنّ الاستعداد المطلوب من طرف الإنسان هو مجرّد الرّغبة بالمجيء وقبول النّعمة الّتي يمنحها الله. لا شيء آخر يهمّ؛ إذا وجدت الإرادة لدى النّاس، هم قد يأتون، أو بالأحرى سيأتون. حيث يسرّ الله بلمس إرادة النّاس حتّى يصبح لديهم الرّغبة تجاه المسيح، حيث يجوع القلب ويعطش للحق، حينها يتمّ كامل الاستعداد المطلوب. كلّ المطلوب هو أن تحسّ أولاً بحاجتك إليه ( وبأنّه قادر أن يمنحك ما تريد)، وأنّك ثانياً وبإحساسك هذا، أنت تصمّم أن تأتي إليه. إنّ الإرادة بالمجيء هي كلّ شيء. إنّ الرغبة بالإيمان بيسوع المسيح، والإرادة بإلقاء روحك عليه، واستعدادك لقبوله كما هو، لأنّك تشعر أنّ يسوع هو فقط المخلّص الذي تحتاجه – هذا هو كلّ ما تحتاجه: لم يكن هناك أيّ رغبة أخرى لدى أولئك الفقراء والعمي والعرج والصّم ومع ذلك لقد أتوا إلى الوليمة. لا يقول النّص، "أنت مستعدّ، تعال إذاً"؛ فهذه طريقة لوضع الإنجيل جانباً؛ إذ القول هو "كلّ الأشياء معدّة، الإنجيل معدّ، لذا عليك أنت أن تأتي". أما بالنسبة إلى رغبتك، فكلّ الرّغبة المطلوبة هي رغبة مصدرها الرّوح، إنّها رغبة بالمجيء للمسيح.

لاحظ الآن أنّ عدم استعداد أولئك الذين سألوا تنطلق من مقتنياتهم ومن قدرتهم. لقد رفض شخص المجيء لأنّه اشترى قطعة أرض. يا لعائق كبير يضعه الشّيطان بين روح الإنسان وبين المخلّص! فمن الأملاك الدنيويّة والأمور الماديّة بنى حائطاً كبيراً ليفصل بين الخاطئ وإلهه. بعض الأشخاص لديهم الكثير من الأراضي تمنعهم من المجيء: هم يفكّرون كثيراً بالعالم ولا يعيرون المسيح اهتمامهم. وآخرون لديهم الكثير من الأعمال الصّالحة التي تنمو بتزايد عندهم وتجعلهم يفتخرون بأنفسهم، وتقودهم إلى الإحساس بأنّهم أشخاص ذوو أهميّة كبيرة. كثيرون لا يستطيعون المجيء إلى يسوع المسيح للحصول على البركات إذ يظنّون أنّهم يملكون الكثير.

آخرون لا يستطيعون أن يجيئوا لأن لديهم الكثير ليعملوه، أو ما قد يفعلوه حسناً – أحدهم اشترى خمسة أزواج بقر وهو ماضٍ ليمتحنها. هو شخص قويّ قادر على الحراثة؛ وكان السّبب وراء عدم مجيئه هو أنّه يملك الكثير من القدرات. الآلاف مبتعدون عن عمل النّعمة بسبب ما يملكون أو ما يستطيعون أن يفعلوه. أن تأتي إلى الوليمة جائعاً دليل أنّك مستعدّ لها أكثر بكثير من أن تأتي ملآناً. كم من المرّات كان الفقر والعجز سبباً في قيادة النّفوس إلى المسيح يسوع. فعندما يعتقد شخص أنّه غنيّ، فهو لن يأتي إلى المسيح. وعندما يحلم شخصٌ بأنّه قادر أن يتوب ويؤمن في أيّ وقت، وأن يفعل كلّ ما تطلبه نفسه، فلن يجد الرّاحة في المسيح. إنّ ما يمنعك عن المسيح ليس فقرك وإنّما هو ما تملكه. إنّ النفس الشرّيرة شيطان، لكن النفس ذات البر الذّاتي سبعة شياطين. وإنّ من يشعر بخطاياه قد يبقى لفترة من الوقت بعيداً بسبب ذنوبه، لكنّ من هو مقتنع ببرّه وصلاحه فهو لن يأتي أبداً؛ إلاّ حين ينزع الله عنه كبرياؤه، وحتّى ذلك الوقت هو سيبقى رافضاً عشاء النّعمة المجانيّة. فلطالما كانت الممتلكات والشرف والغنى عائقاً يمنع النّاس من المجيء إلى المخلّص.

ومن الناحية الأخرى، لا تشكّل حالة الفرد الشخصيّة مانعاً دون المجيء للمسيح، إذ إنّ حالة الحزن التي كانت على وجوه الضّيوف الحاضرين لم تمنعهم من المجيء إلى العشاء. بعضهم كان فقيراً، وآخرون تعساء ومُهمَلين بدون شكّ؛ هم لم يكونوا يملكون ولو فلساً ينعمون به. كانت ملابسهم رثّة، بل أسوأ من ذلك، كانوا قذرين؛ ولم يكن لائقاً بهم الجلوس قرب أناس محترمين، وبالتّأكيد لم يكن وجودهم إلى طاولة الرّب أمراً مشرّفاً؛ لكنّ من ذهب لإحضارهم لم يفتّش في جيوبهم، ولم ينظر إلى معاطفهم، لكنّهم أحضروهم للعشاء. لقد كانوا فقراء، لكنّ العبيد كانوا قد أُمِروا أن يجلبوا الفقراء، ولذا جلبوهم. لم يمنعهم فقرهم من أن يكونوا مستعدّين؛ ويا لفقرك أيّتها الأرواح، إن كان فقرها ماديّاً، أو روحيّاً، فلن يمنعها أيّ نوع من الفقر أن تكون مؤهّلة للحصول على الرّحمة الإلهيّة. إن كنت قد أنفقت فلسك الأخير ورهنت كلّ ما عندك، ولم يبق أمام عينيك سوى أن تعتقل وتسجن خلف القضبان للأبد، ولكن بالرّغم من هذا ما زال باستطاعتك المجيء مهما كنت فقيراً.

ومن الضّيوف من كانوا مشوّهين، لذا لم يكونوا جذّابين للنّظر؛ أحدهم فقد ذراعه، وآخر عينه، وآخر رجله أو أنفه. لقد كانوا يعانون من كلّ شكلٍ من أشكال التّشويه. أحيانا ندير رؤوسنا بعيداً، ونشعر أنّه علينا بالأحرى أن نعطي أيّ شيء بدل أن ننظر إلى المتسّولين الذين يظهرون جراحهم، ويصفون كيف تشوّهوا. لكن لا يهم كم تشوّهوا بشكل بشع؛ إذ هم قد أحضروا للوليمة، ولم يرفض أحد منهم بسبب الإعاقة الكبيرة التي يملكها. لذا، أيّتها الرّوح الضّعيفة، مهما مزّقك الشّيطان وشوّهك، ومهما كانت الحالة التي أوصلك لها مزرية، حتّى لتشعرين بالخجل من الحياة والعيش؛ إلاّ أنّ هذا لا يجعلك غير مؤهّلة للوليمة، بإمكانك أن تأتي إلى عشاء النّعمة تماماً كما أنت. إنّ تشويهك الأخلاقي والمعنوي سيصحّح قريباً حين يأخذ يسوع منك هذه الطّباع بيديه. تعالي إليه، مهما كنت حزينة ومجروحة من خطاياك.

لقد كان هنالك أيضاً بعض العرج الّذين فقدوا ساقاً، أو لم يستطيعوا أن يستعملوها بعد، وليس بمقدورهم المجيء إن لم يستندوا إلى عكّاز؛ ولكن مع ذلك ليس هناك أيّ سبب ليكونوا غير مرّحب بهم. آه، إن وجدت أنّ هذا صعب التّصديق، أن لا يكون هناك سبب يمنعك من المجيء والحصول على الغفران الذي يمنحك إيّاه يسوع. إن كنت مقعداً من الشّك وعدم الثّقة، تعال إلى الوليمة وقل "إلهي، أنا أؤمن؛ أعن ضعف إيماني".

آخرون كانوا عمياً، وعندما طلب منهم المجيء، لم يستطيعوا أن يروا الطّريق، لكنّ الرّسول لم يذهب فقط لإبلاغهم أن يأتوا، بل هو قد أُمِرَ أن يجلبهم بنفسه، وهكذا أصبحوا قادرين أن يأتوا. كلّ من أراد، كان لديه الرّغبة أن يمسك بيده بالإتّجاه الصّحيح. أنتم الذين لا تستطيعون الآن أن تفهموا الإنجيل كما تتمنّون، مشوّشين ومرتبكين، ضعوا يدكم بيد يسوع المسيح، وصمّموا أن تؤمنوا بما لا تستطيعون فهمه، وأن تدركوا بثقة ما أنتم غير قادرين أن تقيسوه بفهمكم. إنّ الأعمى، مهما كان جاهلاً وغير مثقّف، لا يجب إبعاده.

ثمّ كان هناك أناس الشّوارع ، أفترض أنّهم كانوا شحّاذين؛ ومن كان في الأزقّة، أفترض أنّهم كانوا يختبئون، أو من المحتمل أنّهم من اللّصوص؛ ولكن مع هذا هم أخبروا بأن يأتوا، ومع أنّهم من قطّاع الطّرق، هم لم يمنعوا من أن يرحّب بهم. كلّ أولئك المنبوذين، والمنسيّين، ومهما كانت حالتهم تعيسة، لا أحد يسأل، المهمّ أنهم حضروا إذ كلّ شيء كان معدّاً. تعال بثيابك الرثّة، تعال بقذارتك، تعال بإعاقتك، تعال بقروحك، تعال بكلّ أنواع القذارة والنّجاسة، لأنّ كلّ شيء معدّ وكان عليهم أن يُلزموا بالدّخول.

إنّ عدم أهليّة هؤلاء كانت السّبب الوحيد الذي مكّنهم من الدّخول. إنّها حقيقة عظيمة أنّ ما نعتبره غير مناسب هو في أغلب الأحيان الأكثر مناسبة. إنّي أريدك أن تلاحظ معي أولئك العمي والعرج والفقراء. البعض ممّن دعوا لم يأتوا لانّهم كانوا قد اشتروا حقلاً، أو خمسة أزواج بقر، لكن حين ذهب العبيد ليدعوا الفقراء في الشّوارع، "تعالوا إلى الوليمة"، هم لم يقولوا أنّهم اشتروا حقلاً أو ثوراً، إذ أنّهم لن يستطيعوا، هم لا يملكون فلساً ليشتروا أيّ شيء، لذا فهم لا يتعرّضون لهذا الإغراء. عندما يدعى شخص للمجيء إلى السيّد المسيح ويقول، 'أنا لا أريده، أنا لديّ صلاحي الذّاتي' هو سيبقى بعيداً؛ لكن حين أتى يسوع المسيح إليّ، لم يمنعني الشّعور الكاذب بالإكتفاء، لأنّني لم ولم أفتخر ببرّي وصلاحي. أعرف بعض الذين لا صلاح لهم على الإطلاق حتّى لو بذلوا كلّ جهد، وهذا ما يساعدهم على قبول يسوع المسيح. يا لها من بركة كبيرة حين يكون لديك الإحساس بفقر روحك. إنّ ما يمنعك من البقاء بعيداً عن السيّد المسيح هو ما تملك.

آخرون لم يستطيعوا القدوم لأنّهم تزوّجوا حديثاً. أنا أعتقد الآن أنّ هؤلاء النّاس العرج والمعوقين هم مصابون جداً لدرجة أنّهم ليس لديهم زوجات، وحتّى أنّهم لا يستطيعون أن يجدوا أحداً. لذا ليس لديهم الرّغبة بالبقاء بعيداً. لقد كانوا معوّقين جداً لدرجة أنّهم لم يلفتوا نظر أحد. لكنّهم وجدوا في العشاء المبارك للحمل زواجاً أبديّاً أفضل بما لا يقاس. هكذا تقفد الأرواح الفرح والرّاحة الأرضيّة، لكن مع هذه الخسارة، هي تربح مكسباً أسمى: هم صمّموا إذاً أن يقتربوا أكثر من المسيح يسوع ليجدوا راحة أكبر وفرحاً أعظم. لقد أصبحت إعاقتهم لائقة بعد أن كانت مصدر عدم راحة.

لقد جعل عذراً واحداً يعيقه، "إنّي اشتريت خمسة أزواج بقرٍ، وأنا ماضٍ لأمتحنها". الأعرج لم يستطع أن يقول مثله. فعندما اقترب العبد من الأعرج قائلاً "تعال"، لم يجاوبه "أنا ذاهب اللّيلة للحراثة مع ثيراني الجّديدة". فهو لم يذهب إلى الحقل منذ اليوم الذي فقد فيه رجله، لذا لا يمكنه قول مثل هذا العذر. لا يستطيع الأعمى أن يقول، 'لقد اشتريت قطعة أرض وعليّ أن أذهب لأراها'؛ إذ هو خالٍ من كلّ شهوات العينين والنّظر، لذلك كان جاهزاً للذّهاب إلى العشاء. عندما تشعر النّفس بخطيّتها، وبؤسها وضياعها، تشعر بأنّها لا تناسب المجيء للمسيح، لكّن الحقيقة هي أنّ هذه المشاعر تساعد، إذ هي تمنع النّظر إلى أيّ شيء آخر سوى المسيح، فلا تعود تقدّم أعذاراً، وتصير حرّة لأن تقبل مجاناً الخلاص بالنّعمة.

لكن ماذا عن الرجال الذي كانوا في الشّوارع؟ حسناً، يبدو لي أنّهم كانوا خرجوا أصلاُ من منازهم دون أن يتناولوا فطورهم، هذا لو أنّهم يملكون أصلاً منزلاً ليبيتوا فيه. لقد كانوا يستجدون، وكانوا الأكثر استعداداً لقبول دعوة إلى وجبة طعام، فهذا ما كانوا يسعون إليه. إنّ من لا يهتمّ لا بصلاحه ولا بأعماله الخاصّة، بل يقرّ بأنّه خاطئ كبير، يملك فرصة بالمجيء إلى السيد المسيح، أكثر من الذي يفتخر بنفسه معتدّاً ببرّه الذّاتي المزعوم.